لما رأيت في نفسي وإخواني وفي أمتي عامة حالة من جمود العين وقسوة القلب وطغيان للحياة المادية على كثير من أبناء أمة الإسلام في ظل المشاغل الحياتية فبدلا من أن ينتج التطور والتحضر آلة تعمل كالإنسان أنتج إنسانا يعمل كالآلة فانشغل الناس بالدنيا التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما(¬1) وتركوا ألآخرة ونسوها بل تناسوها لأجل مواكبة الحضارة - زعموا- ويسر الله أن وقفت على مخطوط للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي حافظ عصره ووحيد دهره ت (911ه) بعنوان (البدور السافرة في أمور الآخرة) يذكر فيه ما في الآخرة من أمور وأحوال وأهوال ونعيم وعذاب وثواب وعقاب وهذا - كما لا يخفى - سبيل عظيم لرقة القلب ودمع العين، فإن أمنا عائشة رضي الله عنها تخبر في الحديث الصحيح " أول ما نزلت من القرآن، سورة فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل من أول الأمر لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا، ولو نزل لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا"(¬2) فالأمة الآن في أمس الحاجة أيضا إلى ذكر الجنة والنار وما فيهما من أخبار حتى يثوبوا إلى الإسلام ويتشبهوا بالصحب الكرام (رضي الله عنهم) فإن الإسلام سيعود كما بدأ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬3).
Page 2