وأما أخذ الأب من مال ولده فظاهر الحديث الجواز مطلقا، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أنت ومالك لأبيك )) ، إلا أنه قد حكي الإجماع، حكاه الأمير الحسين عليه السلام على منع الأب مما زاد على حاجته ، أو خالف مصلحة الولد ، فيكون الإجماع مخصصا للخبر، ويبقى قدر النفقة مع الحاجة إليها، فمهما أخذ الأب ما هو جائز فله ذلك ، وإذا منعه عد عقوقا، وإن كان الأولى أن يأخذ برضا ولده، أو من يده دفعا للإيحاش، وعملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( رحم الله امرءا أعان ولده على بره )) ويكون حديث (( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه )) عموما مخصصا بحديث الأب، كما خص بأدلة الأخذ من مال الغائب والمتمرد لقضاء دينه ونفقة زوجاته، وأما إذا حاول الأب أخذ الزائد على الجائز ففعله منكر فيجوز للولد المنع، ولا يعد عقوقا، وهو ممكن بالمدافعة الحسنة، والنصح كما فعل إبراهيم عليه السلام في التلطف بوالده مع شركه من قوله يا أبت... يا أبت... ، وقد قال تعالى: { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} ولعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لا يعاملهما معاملة غيرهما بل يراعي حقوقهما ، وناهيك أنه لم يثبت حق لكافر على مسلم إلا الوالدين ، والأولى للولد الإغضاء والمسامحة فيما لا ضررة ولا منكر فيه.
Page 10