Les Lunes Brillantes
البدور المضيئة
Genres
وأما ما ذكره السائل من أن هذا هو الرجاء لا الإرجاء المذموم فالمصرح في كتب الأصول أن ذلك القول هو حقيقة الإرجاء المذموم ، لأن الإرجاء التردد في الشيء لا القطع به كما قال تعالى: {وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم} ، وأما الرجاء: فهو رجاء قبول الأعمال وزيادة الكرامة ونحو ذلك مثل صحة التوبة والتوفيق إلى الأعمال الموجبة للرحمة والجنة والعصمة المبعدة عن أسباب الغضب والنار، ولهذا قال تعالى: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} وقال تعالى: { وترجون من الله ما لا يرجون} ولهذا قبح الرجاء في غير موضعه كما قال الشاعر:
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي .... درج الجنان بها وفوز العابد
أنسيت أن الله أخرج آدما .... منها إلى الدنيا بذنب واحد
نعم قد ذكر السائل كثرة الروايات وكثرة المروي عنهم مما يشوش الخاطر في هذه المسئلة الأصلية القطعية، وثمة تأويل وحمل جامع يمكن تطبيق كلما ورد من ذلك القبيل عليه ، ورد كل شاذ إليه ، وهو أن مراد الناقلين ومعنى مانقلوه ومقصد القائلين فيما قالوه هو تجويز العفو وعدمه فيما كان من الذنوب عمدا، ولا ورد فيه الوعيد مع الحد، ولا لفظ يفيد العظم أو الكبر لأن حال المعصية ملتبس في ذلك والعاصي تحت المشيئة فيحتمل أن تكون صغيرة عنده الله مكفرة، ويحتمل أن تكون كبيرة معاقبا عليها، ولفظ العاصي يشمل فاعل الكبيرة والصغيرة فيكون كلامهم موافقا لقول من يقول: بعض العمد ليس بكبيرة كما هو المختار، وهو الظاهر من كلامهم وأنهم لا يريدون القاتل والسارق، واندفع الإشكال، والحمد لله على كل حال.
Page 49