*الجواب التاسع:
أن اطلاع الحفظة على أعمال القلوب وعدمها قد تعارضت الأدلة فيه باعتبار الظاهر، ولكن الجمع بينها ممكن، إما أن يقال أن الحفظة لا تطلع إلا على العمل الظاهر دون ما في القلب كما قضت به بعض الأدلة التي ذكرها السائل وغيرها، ولا يمتنع أن يكون لله تعالى ملائكة موكلون بقلب ابن آدم يعلمون ما يوسوس به ، فيحمل حديث (السبعة الأملاك)، وحديث (( إن الرجل ليقوم في الليلة القرة)) ونحوهما على خطاب الكتبة، ويحمل حديث: (( وإذا هم بحسنة فلم يعملها...الخ)) وما أتى على منوالها على خطاب الرقباء على القلب، وإما أن يقال إن عمل القلب استأثر الله تعالى بعلمه، وهو الظاهر الذي يشعر به قوله تعالى: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} وقوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه} لأنه تعالى تمدح بهذه الصفات، فينبغي أن يختص بها، وحينئذ يحمل قوله تعالى: (( وإن هم بحسنة فاكتبوها حسنة )) وما ضاهاه يعني يكون كتبها بوحي من الله تعالى إليهم لما في ثبوت الكتب من المصالح التي علمها الله تعالى، وإن كان غنيا عن كتب الظاهر والباطن، وبأخذ هذين التأويلين يندفع إشكال التعارض على أنه قد جاء في تفسير قوله تعالى: {وكل شئ أحصيناه في إمام مبين} أن المراد بالإمام اللوح المحفوظ على الخلاف في معناه، وكذلك قوله تعالى: {وكل شئ أحصيناه كتابا} قيل اللوح، وقيل كتاب الحفظة.
Page 27