Le bouddhisme : Une très courte introduction
البوذية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
شكل 3-1: «عجلة الحياة» (بهافاشاكرا) أو العوالم الستة للميلاد الجديد.
تخبرنا أسطورة الخلق المذكورة في خطبة «أجانيانيا سوتا» قصة مختلفة عن تلك المذكورة في سفر التكوين، وتصف الأسطورة كيف أنه بعد تدمير أحد أنظمة العالم يولد تدريجيا سكان ذلك العالم في عالم جديد ناشئ آخذ في التطور. في البداية، تكون أجسامهم شفافة ولا يوجد فرق بين الجنسين، وعندما يصبح نسيج نظام العالم الجديد أكثر سمكا تنجذب إليه تلك الكائنات الشبيهة بالأرواح وتبدأ في استهلاكه مثل الطعام، وببطء تصبح أجسادها أقل أثيرية إلى أن تشبه الأجسام المادية الكبيرة التي لدينا الآن. وتؤدي المنافسة على الطعام إلى المشاجرات والنزاعات، وينتخب الناس ملكا لحفظ السلام، وهذا الحدث يمثل أصول الحياة الاجتماعية. وعلى الرغم من أن هذه الأسطورة يمكن اعتبارها سخرية من المجتمع البشري بقدر ما يمكن اعتبارها سردا لقصة الخلق، فإنها تمثل تناقضا مثيرا مع سفر التكوين، فبينما يرجع التراث اليهودي المسيحي سقوط الإنسان إلى التكبر والعصيان، ترجع البوذية أصل معاناة البشر إلى الرغبة.
العوالم الستة للميلاد الجديد
في كل نظام عالمي توجد عدة «عوالم» مختلفة للميلاد الجديد. وتدون المصادر الأولى خمسة عوالم، لكن العوالم المتأخرة تضيف عالما آخر - عالم الجبابرة - لتصبح ستة في الإجمال، وسوف أعتمد هذا النسق في هذا الكتاب. هذه العوالم الستة هي موضوع شائع في الفن البوذي وتصور في أغلب الأحيان في «عجلة الحياة» («بهافاشاكرا»). ويمكن رؤية هذه العوالم في الشكل
3-1 . والعوالم الثلاثة الموجودة أسفل خط المركز تعتبر سيئة الحظ تماما. ومن حيث ترتيبها، فهي تعتبر نسخة موسعة من النسخة المسيحية التقليدية المتمثلة في الجحيم والمطهر والأرض والجنة، مع الفارق المتمثل في إمكانية ميلاد الشخص من جديد على نحو متكرر من عالم إلى آخر. أما المصادر المتأخرة (فيما بعد القرن الخامس الميلادي) فتقسم الجنة البوذية، التي تظهر في أعلى الشكل، إلى ستة وعشرين مستوى أو «منزلا» مختلفا؛ ولذلك، عند ضم العوالم الخمسة الأولى نصل إلى واحد وثلاثين مصيرا ممكنا للميلاد الجديد.
وأسهل طريقة لتصور هذا الترتيب هو التفكير في مبنى إداري مكون من واحد وثلاثين طابقا. في الطابق السفلي يوجد الجحيم؛ مكان الشقاء الذي تعاني فيه الكائنات نتائج أفعالهم الشريرة التي اقترفوها في الحيوات السابقة. وفي أثناء وجودهم في الجحيم يخضعون لأنواع مختلفة من العذاب - صور تصويرا واضحا في الرسوم الشعبية - مثل الغلي في الزيت أو تقطيع الأطراف. بيد أن الجحيم في البوذية (أو بالأحرى «أنواع الجحيم»؛ نظرا لوجود العديد منها) يختلف عن الجحيم من المنظور المسيحي في أمرين؛ الاختلاف الأول هو أنه ليس مكان لعن أبدي، ومن هذا الجانب يتشابه إلى حد كبير مع المطهر المسيحي، فهو مرحلة مؤقتة سوف يحرر منها الشخص في النهاية. ويأتي التحرير عندما تنقضي الكارما الشريرة التي أرسلت الشخص إلى الجحيم. والاختلاف الثاني هو أنه في البوذية يوجد جحيم حار وجحيم بارد، وفي الجحيم البارد يكون العذاب بفعل التجميد بدلا من الشي.
وفوق الجحيم يوجد عالم الحيوانات. والميلاد من جديد على هيئة حيوان أمر غير مرغوب لأسباب بديهية؛ فالحيوانات تحكمها الغريزة الوحشية وتفتقر إلى الملكة العقلية اللازمة لفهم طبيعة موقفها، أو لفعل أمور كثيرة من أجل تحسين ذلك الموقف. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحيوانات تتعرض للقنص كي تكون طعاما للإنسان أو لغيره من المفترسات. وفوق الحيوانات يوجد عالم الأشباح. وهؤلاء هم الأرواح التعيسة التي تحوم حول حواف عالم البشر، ويمكن رؤيتها أحيانا كأشكال ظلالية. وعادة ما تكون الأشباح بشرا سابقين كونوا ارتباطات قوية تجعلهم محتجزين في الأرض. لقد استهلكتهم رغباتهم التي لا يمكنهم إشباعها مطلقا، ويظهرون في الرسوم الشعبية في صورة مخلوقات طيفية ذات معدة كبيرة وفم صغير في رمزية إلى الجوع النهم الذي يفتقر دائما إلى الإشباع. أما المستوى الرابع فهو عالم الجبابرة، وهم سلالة من الكائنات الشيطانية المحاربة يقعون تحت رحمة نوازعهم العنيفة، فتحفزهم شهوة السلطة ويسعون دائما إلى الحروب التي لا يجدون فيها أي إشباع.
وفي المستوى الخامس يوجد عالم البشر. ويعتبر الميلاد الجديد على هيئة بشر أمرا مرغوبا للغاية وصعب المنال للغاية أيضا؛ فعلى الرغم من وجود العديد من المستويات الأعلى التي يمكن أن يحدث الميلاد الجديد في ظلها، فمن المحتمل أن تعيق هذه المستويات التقدم الروحي. فإذا ولد المرء من جديد على هيئة إله في جنة مثالية، فمن الممكن أن ينزلق الإنسان بسهولة إلى حياة الدعة ولا يبصر الحاجة إلى السعي وراء النيرفانا. على النقيض من ذلك، يذكر الوجود البشري باستمرار بمآسي الحياة (على سبيل المثال «العلامات الأربع» التي رآها بوذا مثل الهرم والمرض) بالإضافة إلى فرصة الوصول إلى حل دائم لمشكلات الحياة؛ فالبشر لديهم العقل والإرادة الحرة، ويمكنهم استخدام هذه الملكات لفهم الدارما وتطبيق تعاليم البوذية؛ ولذلك تعتبر الحياة في هيئة بشرية «حلا وسطا» يقدم توازنا مناسبا بين النعيم والمعاناة.
شكل 3-2: الكون في المنظور البوذي: تمثل الدائرة الموجودة في المنتصف السطح المسطح للأرض الذي كان يعتقد أنه يحمل أربع قارات كبرى مختلفة الأحجام. وفوق ذلك توجد المنازل السماوية التي تسكنها الآلهة، وبالأسفل توجد أنواع الجحيم وعوالم المعاناة الأخرى. تايلاند، تقريبا عام 1820 ميلاديا.
أما الأدوار العليا الستة والعشرون من هذا المبنى (المستويات من 6 إلى 31)، فهي مساكن أو منازل الآلهة (ديفا). والآلهة الدنيا هم أشخاص، نظرا لأدائهم أعمالا حسنة، ينعمون الآن بحالات وجود تتسم بالتناغم والنعيم. وتضم هذه الآلهة شخصيات مهمة من الآلهة الهندوسية مثل إندرا وبراهما، وقد أصبحا يلعبان الآن دورا مهما في النصوص البوذية، بالإضافة إلى آلهة «سماء الثلاثة والثلاثين»، وهي هيئة مكونة من ثلاثة وثلاثين إلها يحكمهم ملكهم ساكا (بالسنسكريتية: شاكيا). وتسكن هذه الآلهة على قمة جبل ميرو الأسطوري وتشبه آلهة جبل الأوليمبوس. وتظهر هذه الآلهة على الأرض كثيرا وتزور بوذا وتستمع إلى تعاليمه. وعلى قدر من الأهمية أيضا ديفات توسيتا، ويقال إن البددة المستقبليين يعيشون وسط هذه الديفات في انتظار آخر ميلاد جديد لهم على الأرض، ويشيع حاليا معتقد يقول إن هذا هو موطن البوذا القادم، ميتيا (بالسنسكريتية: مايتريا). وتوجد آلهة عليا عديدة، لكنها كائنات بعيدة ومتسامية لا تتدخل في شئون البشر إلا قليلا. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه الآلهة العليا خاضعة للكارما وتولد مجددا في نهاية الأمر مثل أي شخص آخر. والجنات الخمس العليا (المستويات من 23 إلى 27) تعرف باسم «المساكن النقية»، ولا ينالها غير أولئك المعروفين باسم «غير العائدين». تلك كائنات على وشك اكتساب التنوير، وهي لن تولد من جديد في هيئة بشر. أما المستويات العليا من الجنان فتزداد رفعتها، وتزيد فيها أعمار الآلهة في كل مرحلة، لتصل إلى مليارات السنوات بمقياس الزمن لدى البشر. إلا أن الزمن نسبي ومفهومه يختلف باختلاف الكائنات؛ فعمر البشر على سبيل المثال يبدو كيوم واحد بالنسبة إلى الآلهة الموجودة في المستويات الدنيا.
Page inconnue