220

La Vertu et la Connexion

البر والصلة لابن الجوزي

Chercheur

عادل عبد الموجود، علي معوض

Maison d'édition

مؤسسة الكتب الثقافية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

فَحَمَلُوهَا حَتَّى إِذَا صَارَ إِلَى بَابِ مَنْزِلِهِ، قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ سَائِلًا، فَقَالَ: أَعْطِنَا مِمَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: قَدْ كُنَّا بِالْأَمْسِ مِثْلَ حَالَتِكَ خُذْ نِصْفَ هَذَا الْمَالِ، فَلَمَّا قَسَّمَ الْمَالَ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ، قَالَ لَهُ السَّائِلُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكَ، بَعَثَنِي أَخْتَبِرُكَ ". وَقَدْ جَرَى نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِبَعْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ عَابِدٌ يَعْمَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ زَبِيلًا، فَيَبِيعُهُ بِدِرْهَمٍ، فَيَشْتَرِي بِأَرْبَعَةِ دَوَانِيقَ قُوتًا لِعِيَالِهِ، وَبِدَانِقَيْنِ خُوصًا فَيَعْمَلُ بِهِ زَبِيلًا آخَرَ، قَالَ: فَبَاعَ الزَّبِيلَ يَوْمًا بِدِرْهَمٍ، وَأَقْبَلَ لِيَشْتَرِيَ طَعَامًا، فَمَرَّ بِسَائِلٍ، يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ الْمَلِيَّ الْوَفِيَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالُوا: أَيْنَ قُوتُنَا؟ قَالَ: أَقْرَضْتُهُ مَلِيًّا وَفِيًّا، وَسَيَأْتِيكُمْ رِزْقُكُمْ. وَجَمَعَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخُوصِ، فَعَمِلَ مِنْهُ زَبِيلًا صَغِيرًا فَبَاعَهُ بِدَانِقَيْنِ، وَقَالَ: إِنِ اشْتَرَيْتُ خُبْزًا لَمْ يَكْفِ عِيَالِي، وَإِنِ اشْتَرَيْتُ خُوصًا بَقِيَ عِيَالِي بِلَا خُبْزٍ، فَمَرَّ بِهِ صَيَّادٌ مَعَهُ سَمَكَةٌ، فَاشْتَرَاهَا بِالدَّانِقَيْنِ، وَجَاءَ بِهَا، وَقَامَ يُصَلِّي، فَشَقَّتْهَا امْرَأَتُهُ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا دُرَّةٌ كَالْبَيْضَةِ، فَأَضَاءَتِ الْبَيْتَ، فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: مَا أَسْرَعَ مَا رَدَّ عَلَيْكَ رَبُّكَ مَا أَقْرَضْتَهُ، فَأَقْبَلَ بِهَا إِلَى الْمَلِكِ، فَدَعَى بِاللَّالِينَ، فَقَوَّمُوهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهَا الْمَلِكُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ الْعَابِدُ لِامْرَأَتِهِ: شَأْنُكِ بِالْمَالِ وَاتْرُكِينِي أُصَلِّي، فَجَاءَ سَائِلٌ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الدَّارِ، وَاسُونِي مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ: ادْخُلْ خُذْ مِنْ هَذَا الْمَالِ بِدُرَّةٍ، فَقَالَ السَّائِلُ: تَهْزَأُ بِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ السَّائِلُ: لَا أُطِيقُ حَمْلَهَا، قَالَ: أَنَا أَحْمِلُهَا مَعَكَ، فَحَمَلَهَا مَعَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ السَّائِلُ، قَالَ لَهُ: لَسْتُ بِسَائِلٍ، وَلَكِنِّي مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، أَرْسَلَنِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْكَ لِأَبْلُوَكَ فِيمَا آتَاكَ، فَوَجَدَكَ عَبْدًا شَكُورًا، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَبِلَ مِنْكَ الدِّرْهَمَ الَّذِي أَقْرَضْتَهُ فَصَيَّرَهُ اثْنَى عَشَرَ جُزْءًا، أَعْطَاكَ مِائَةَ أَلْفٍ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ، وَادَّخَرَ لَكَ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا حَتَّى يُعْطِيَكَ فِي الْجَنَّةِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ارْجِعْ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي مَالِكَ " -

1 / 258