ألا إن قوما في بعض الأمصار - غفر الله لهم - قد زين لهم الباطل، فشرعوا سيوفهم لحرب أمير المؤمنين، يأبون - بزعمهم - أن تكون هرقلية
9
يتوارثها خلف عن سلف، فهلا شرعوا سيوفهم هذه لحرب هرقل، ودك معاقل الكفر في بلاده، ونشر دين الله في الأرض ...
وصمت أبو داود برهة، ثم رفع عينيه يجول بهما فيمن حوله، وهو يخلل لحيته بأصابعه، ثم استأنف حديثه:
حدثنا نصر بن عوانة - وكان في جيش عقبة بن نافع
10
بالمغرب - قال: لقد رأيت عقبة، وقد بلغ بجيشه شاطيء الأقيانوس الأخضر،
11
فيدفع حصانه إلى البحر، ويقول بحماسة: اللهم رب محمد، لولا أني لا أعلم وراء هذا البحر يابسة، لاقتحمت هذا الهول المائج؛ لأنشر اسمك المجيد في أقصى حدود الدنيا!
رحم الله عقبة، وأين مثل عقبة؟! فإن قسطنطين بن هرقل ما يزال وراء هذه الحدود المتاخمة، يتهدد أصحابنا بالغارة بعد الغارة برا وبحرا، فهلا خرجنا إليه؛ لننشر اسم الله المجيد في أقصى بلاد الروم! ضل من جعل إلهه هواه! ألا إنه لولا ابن هرقل على هذه التخوم لما صارت - بزعمهم - هرقلية.
Page inconnue