أما وزر إنجلترا في المظالم الأمريكية، فليذكر سيدي أنها هي التي بدأت بتجارة الرقيق، وأن تجارها من لندن، وبريستول، ولفربول، وجلاسكو يرسلون سفنهم إلى أفريقيا لشراء العبيد. فإذا أساء التجار استخدام الوسيلة في اقتناص العبيد، وإذا شنت الغارات لاحتجان الأسرى، وإذا استدرج الأحرار إلى متون السفن ثم سيقوا إلى الأسر غيلة وغدرا، وإذا بذلت الرشى للأمراء الصغار إغراء لهم ببيع رعاياهم وهم في الحق طائفة من العبيد - إذا حدث هذا كله فهل تقع جرائر هذه السيئات كلها على عاتق أمريكا؟
إنكم تجلبون العبيد إلينا، وتغروننا بشرائهم، ولست أريد أن أسوغ وقوعنا في الغواية، ولكنني أقول: إنكم إذا سرقتم الناس تبيعونهم لنا ونحن نشتريهم، فلتذكروا المثل القائل: إن المشتري من السارق والسارق سواء، وقد وضع هذا المثل للذين لا يعلمون أن آخذ الشيء المسروق في حكم سارقه، ولكن العكس لم يكن بحاجة قط إلى مثل لتوضيحه؛ إذ ما من أحد يجهل أن اللص كمن يشتري منه في المنكر والسوء.
وإنكم لم تفعلوا هذا وتقنعوا به وتثابروا على فعله وحسب، بل زدتم على ذلك أنكم أنكرتم القوانين التي وضعت في أمريكا لتصعيب تجارة الرق، وفرض الضرائب الثقيلة على الموردين للأرقاء، وأمرت حكومتكم بنقضها لأنها ضارة بمصالح الشركة الأفريقية.
إنجليزي :
ما سمعت من قبل بقوانين من هذا القبيل وضعت في أمريكا، غير أن القوانين التي وضعتموها وادعيتم أنها ضرورية لحسن سياسة العبيد بل الخدم البيض، مما استشهد به مستر شارب في كتابته، لا تدعونا إلى حسن الظن بمروءتكم العامة أو باحترامكم الحرية، وليست تلك قوانين آحاد معدودين؛ إذ هي مسنونة برأي نوابكم في الجماعات الممثلة لكم، وهي لهذا خليقة أن تنسب إلى الجميع.
أمريكي :
ليس الأمر كذلك. ويجوز أن بعض هذه القوانين وضع في المستعمرات التي يربى فيها عدد الأرقاء كثيرا على عدد البيض، كما هو الحال في بربادوس الآن، وفي فرجينيا من قبل، وقد تكون تلك القوانين أقسى مما ينبغي من أثر الخوف والظن الغالب بأن الصرامة هي الوسيلة الوحيدة التي تروض العبيد على الطاعة وتصون على سادتهم حياتهم. أما الولايات الأخرى التي يقل فيها عددهم ولا يخشى الخطر منهم، فالقوانين رفيقة والعبيد في كفالة القانون من جميع الوجوه إلا أن نحسب حساب الحرية، ويجازى الرجل الأبيض بالموت إذا قتل عبدا ملكه، كما يجازى على قتل إنسان كائنا من كان. ومن الواجب أن نذكر أن صرامة القوانين على قدر الغباء، أو على قدر السوء في خلائق المحكومين، وقد علمتنا التجربة هذه الحقيقة في كل مكان. وقد يخطر لك أن العبيد قوم لطاف ودعاء يسلس قيادهم لمن يقودهم، وإنهم لكذلك بعض الأحايين، ولكن الأكثرين منهم على خبث، وكيد، وضغينة، وسوء دخيلة، وقسوة بالغة على أشد ما تكون القسوة، وتجاركم وملاحوكم الذين يجلبونهم من غانا يعلمون ذلك، ويعانون من تمردهم على السفن السابحة أو المرسية على الشاطئ كل العناء، وما ظفر العبيد بمن عداهم مرة إلا أتوا عليهم أجمعين، وكلما حدث التمرد من هذا القبيل عالجه قومكم بما يحسبونه ضرورة لا محيص عنها من الصرامة والشدة، وأطلقوا النار على بعضهم أو شنقوهم على ظهر السفينة، وربما كان من هؤلاء العبيد أناس مجرمون في بلادهم يبيعهم أمراؤهم عقوبة لهم على جناياتهم ويجعلون النفي والعبودية جزاء لهم عليها، كما تجزون أنتم هنا من تدينونهم من الأشرار، وما دامت حكومتكم لا تقبل أن تسن القوانين لإخراج العبيد من البلد، فهل يحق لكم أن توجهوا اللوم إلى تلك القوانين التي تبدو ضرورية لحكمهم وهم في ذلك البلد؟
إنجليزي :
لكن القوانين التي تضعونها لمعاملة الخدم البيض لا تقل في قسوتها عن القوانين التي توضع للعبيد السود.
أمريكي :
Page inconnue