Début du théâtre documentaire en Égypte : La pièce Al-Azhar et l'affaire Hamada Pasha comme exemple
بداية المسرح التسجيلي في مصر: مسرحية الأزهر وقضية حمادة باشا نموذجا
Genres
18
وبناء على هذه الأخبار، يمكن القول إن هذه المسرحية تجاوزا مسرحية تسجيلية؛ وذلك لأن الدراسة لا تملك الدليل على أن تأليفها جاء من خلال أقوال الصحف والتقارير الرسمية التي تحدثت عن هذه الحرب في هذا الوقت، كما أنها لا تملك الدليل على أن هذه المسرحية مؤلفة؛ لأنه من الممكن أن تكون مترجمة عن التركية، ولا تملك أيضا الدليل على أن مؤلفها مصري، فربما يكون تركيا. وأخيرا لا يمكن الجزم أن هذه المسرحية منشورة؛ لعدم وجودها في فهارس دار الكتب أو في مقتنيات المركز القومي للمسرح، والأرجح أنها مسرحية مخطوطة ومفقودة. وهذه الأمور كلها لا تتوافر لها أدلة قاطعة لتثبت أن مسرحية «أدهم باشا» مسرحية تسجيلية بصفة نهائية. ويبقى الأمر مجرد احتمال يفتح طريقا للبحث لتعقبه، أو ربما يتعقبه آخرون.
وإذا عادت الدراسة مرة أخرى إلى تعريف المسرح التسجيلي ستجده مسرحا يعبر عن وجهة نظر الجماهير العريضة؛ أملا في إبراز عنصر التهييج السياسي في إدانة موقف معين. وهذا التعريف بهذا الوصف يحمل بين جنباته موانع رقابية لم تسمح بها أية رقابة مسرحية في مصر طوال تاريخها السياسي؛ فمن غير المعقول أن توافق الحكومة أو السلطة على عرض مسرحية تعبر عن الرأي العام للجمهور في قضية مثارة في الصحف بهدف التهييج السياسي وإدانة موقف معين؛ لأنه من المحتمل - بل من المؤكد - أن هذه الإدانة ستكون موجهة إلى الحكومة أو السلطة الاستعمارية؛ ولهذا السبب ترجح الدراسة أن المسرح التسجيلي في مصر هو المسرح المرفوض رقابيا لأسباب سياسية أو اجتماعية.
وبالعودة إلى تاريخ المسرح المصري منذ نشأته حتى عام 1906، وبالنظر إلى المسرحيات المرفوضة رقابيا؛ سيبرز جليا أنها مسرحيات مرفوضة لأسباب دينية، مثل مسرحية «يوسف» عام 1891، ومرفوضة لأسباب شخصية، مثل مسرحية «قطب العاشقين» عام 1901؛ حيث إنها تعرضت لشخصيات مهمة بالتجريح والتشويه،
19
فضلا عن مسرحية «أدهم باشا» - التي ذكرت قبلا - مع التحفظ في الجزم بأنها مسرحية تسجيلية لما قيل آنفا.
وإذا كانت الدراسة قد جعلت من عنصر الزمان معيارا لتعقب بواكير الريادة في المسرح التسجيلي، فاتخذت من عام 1906 حدا للبحث عن ظهور المسرح التسجيلي في مصر، لكونها تعتقد أن هذا المسرح ظهر في مصر على يد حسن مرعي، عندما كتب مسرحيته «صيد الحمام» أو «حادثة دنشواي» عام 1906. وهذا الاعتقاد - رغم عدم وجود النص وفقدانه حتى الآن - يرجع إلى المنطق وبعض الأخبار المتوفرة عن المسرحية، التي تشير إلى تطابق تعريف المسرح التسجيلي على هذه المسرحية.
فإذا كان المسرح التسجيلي هو مسرح تقريري يختار مادته من الصحف بصورة فنية؛ فإن مسرحية دنشواي لحسن مرعي أقرت حقيقة الحادثة - بدليل عنوانها «صيد الحمام» أو «حادثة دنشواي» - وقد اختار مؤلفها مادتها من الصحف؛ لأنه كان في ذلك الوقت صحافيا يمتلك مجلة الصحائف. ولا توجد صحيفة في ذلك الوقت لم تتحدث عن حادثة دنشواي.
20
وقد قام المؤلف بصياغة مادته الصحفية بصورة فنية، بدليل أن الجنس الأدبي الذي خرجت فيه هو الأدب المسرحي، أي لا بد من وجود شخصيات وحوار وحدث وزمان ومكان ... إلخ، وهذا كله يؤكد أن صياغة المادة جاءت بصورة فنية تبعا لقواعد الكتابة المسرحية.
Page inconnue