Début du théâtre documentaire en Égypte : La pièce Al-Azhar et l'affaire Hamada Pasha comme exemple
بداية المسرح التسجيلي في مصر: مسرحية الأزهر وقضية حمادة باشا نموذجا
Genres
على الرغم من التحفظ الشديد في القول بأن حسن مرعي يعتبر من رواد المسرح التسجيلي في مصر - إن لم يك رائده بالفعل - بناء على مسرحيته «دنشواي» المفقودة؛ فإن هذا التحفظ له وجه آخر عندما تتناول الدراسة مسرحيته الثانية «الأزهر وقضية حمادة باشا» عام 1909؛ وذلك لأن نص المسرحية بين يدي الدراسة، ثم يمكن اختبار معايير المسرح التسجيلي من خلالها - كما مر ذكره آنفا - خصوصا تعريف المسرح التسجيلي. ولكن الملاحظ على هذا التعريف أنه جاء بصورة جامعة لسمات عديدة أوردتها الدراسات السابقة عن المسرح التسجيلي. وطالما النص في حوزة الدراسة الآن، فيجب عليها عدم الاكتفاء فقط بتطبيق تعريف المسرح التسجيلي عليه، بل يجب عليها التحقق من توافر سمات المسرح التسجيلي فيه؛ لذلك فإنه من المفيد لمنهج البحث أن تكون الخطى منظمة من خلال نقطتين؛ أولاهما: عرض ملخص عام لفصول العمل المسرحي المناط بالتحليل، وثانيتهما: اختبار السمات الفنية للمسرح التسجيلي من خلال النص المسرحي المتاح بين يدي الدراسة على النحو التالي: (أ) ملخص عام للمسرحية
تقع مسرحية حسن مرعي «الأزهر وقضية حمادة باشا» عام 1909 في أربعة فصول. أدار أحداث الفصل الأول في ساحة الدرس بالأزهر الشريف من خلال حوار بين الطلاب والعلماء حول مطالب مشروعة من قبل الطلاب؛ يطالبون فيها بتحسين أحوالهم الدراسية والمعيشية التي ساءت بسبب فرض قانون جديد طبق عليهم في الأزهر. وتصاعدت وتيرة الحوار بينهم لتصل إلى درجة اتهام الحكومة والخديوي بسرقة أموال أوقاف الأزهر، وحرمان الأزهريين من حقهم فيها. وينتهي الحوار بإعلان الطلبة اعتصابهم؛ أي امتناعهم عن حضور الدروس في الأزهر حتى تجاب مطالبهم.
وأمام هذا الاعتصاب يجتمع شيخ الأزهر مع علماء وشيوخ الجامع لمعالجة هذا الأمر، ويفهم من الحوار أن شيخ الأزهر قدم مطالب الطلاب إلى أولي الأمر، ولكنهم لم يستمعوا إليه ولم يهتموا بالأمر بسبب تدخل الغرباء في شئوننا - على حد قول المسرحية - ويقصد بذلك الإنجليز. وعندما يلمح أحد الشيوخ بأن الأزهر من اختصاص الخديوي شخصيا ولا دخل للإنجليز في أموره يتصاعد الحوار، ويبين - بصورة تهكمية - أن الخديوي لا يهتم بالأزهر بقدر اهتمامه بتجارته وزراعته الخصوصية، واستبدال أراضيه بأملاك أخرى من الأوقاف، والاحتفاظ بأموال الأوقاف المخصصة للأزهر في خزانته الشخصية. وفي هذا الوقت تأتي الأخبار بأن اعتصاب الطلبة وصل إلى درجة الهياج والثورة، فيقوم شيخ الأزهر بطلب قوة عسكرية للمحافظة على الأمن.
وتنتقل الأحداث في الفصل الثاني إلى قصر عابدين لنرى اجتماعا بين شيوخ الأزهر ورئيس الوزراء وبعض الوزراء المعنيين. وفي هذا الاجتماع نعلم أن الخديوي متغيب لتفقد مزارعه الخاصة، فيطلب شيخ الأزهر من رئيس الوزراء التصرف في أمر اعتصاب الطلبة، فيرد عليه بأنه اكتفى بوجود القوة العسكرية التي تحيط بالجامع الأزهري، وهنا تثور ثورة شيخ الأزهر على الجميع لعدم اكتراثهم بالأمر بالصورة المطلوبة، كما أظهر استياءه من وجود هذه القوة العسكرية التي أحالت الأزهر إلى ساحة حرب لا ساحة علم ودين. وأثناء هذا النقاش تسمع أصوات طلبة الأزهر خارج أسوار قصر عابدين مطالبين بحقوقهم المهضومة، بعد أن قاموا بمظاهرة سلمية واصلت طريقها إلى قصر عابدين، فيقوم رئيس الوزراء بإبلاغ الجموع المحتشدة من الطلاب بأن الخديوي سوف ينظر في مطالبهم قريبا؛ وذلك تسكينا لثورتهم.
وتنتقل الأحداث بعد ذلك إلى ساحة حديقة عامة بالجيزة اجتمع فيها الطلاب المعتصبون، ووقف بينهم خطيب ألقى خطبة حماسية؛ أبان فيها مطالب الأزهريين، كما أبان عيوب النظام الجديد الذي طبق في الأزهر، ومن ذلك: أن العلوم الدراسية المستحدثة في الأزهر أحيل تدريسها إلى أساتذة غير أكفاء، هذا بالإضافة إلى زيادة عدد الساعات الدراسية، حتى إن الطالب لا يجد وقتا لدراسة ما هو مقرر عليه، كما أن الفقر يزداد يوما بعد يوم على طلاب الأزهر، لدرجة أن الطالب لا يجد ثمن الكتب والأدوات المدرسية؛ وذلك بسبب نهب الحكومة لأموال الأوقاف الأزهرية. ويطالب هذا الخطيب رجال الفكر والثقافة والصحافة ونواب الأمة وأعضاء الجمعية العمومية بالوقوف بجانبهم حتى تجاب مطالبهم، ثم تتوالى الخطب الحماسية بعد ذلك من قبل الطلاب؛ لتبين أمورا كثيرة وشروحا أكثر حول هذه المطالب.
وفي الفصل الثالث، تسير هذه الجموع الحاشدة من الطلاب المعتصبين في شوارع القاهرة في مظاهرة سلمية منظمة، في حماية قوة عسكرية تسير بجانبهم، وهم يهتفون بإحياء الإسلام والدين والأزهر والطلبة والخديوي وجريدة اللواء. وعندما وصل الطلاب بمظاهرتهم إلى شارع محمد علي وأمام مبنى جريدة المؤيد، قام عمال المؤيد برشقهم بالحجارة، فشهد هذا الأمر رئيس القوة العسكرية، ووعد الطلاب بأنه سيكون شاهدا على هذه الواقعة، وتدور مناقشات داخل دار المؤيد بين صاحبه الشيخ علي يوسف،
25
وبين مديره سركيس،
26
انتهت بقيام سركيس بإبلاغ المحافظة أن الطلاب يرشقون مبنى الجريدة بالحجارة، ويطالبهم بإرسال قوة عسكرية لحماية المبنى ومن فيه. وفي الجانب الآخر، تدور مناقشة بين طالبين يفهم منها أن صاحب المؤيد كان السبب في إفساد الأمر بين الأزهر وبين الخديوي، كما أنه كان مدافعا عن الأميرة نازلي هانم فاضل؛
Page inconnue