مَلَكَت أَيمانُهُم غَيرُ مَلومين) .
ولا تصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر، وحفظ القلب عن التفكر، وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع؛ فإن هذه محركات للشهوة ومغارسها.
آداب اليدين
وأما اليدان: فاحفظهما عن أن تضرب بهما مسلما، أو تتناول بهما مالا حراما، أو تؤدي بهما أحدا من الخلق، أو تخون بهما في أمانة أو وديعة، أو تكتب بهما ما لا يجوز النطق به، فإن القلم أحد اللسانين، فاحفظ القلم عما يجب حفظ اللسان عنه.
آداب الرجلين
وأما الرجلان: فاحفظهما عن أن تمشي بهما إلى حرام، أو تسعى بهما إلى باب سلطان ظالم؛ فإن المشي إلى السلاطين الظلمة من غر ضرورة وارهاق معصية كبيرة؛ فإنه تواضع وإكرام لهم على ظلمهم.
وقد أمر الله تعالى بالإعراض عنهم في قوله تعالى: (وَلا تَركَنوا إِلى الَّذينَ ظَلَموا فَتَمَسَكُم النار) وهو تكثير لسوادهم، وإن ذلك لسبب طلب مالهم فهو سعى إلى حرام، وقد قال ﷺ: (من تواضع لغنى صالح لغناه ذهب ثلثا دينه) وهذا في غنى صالح، فما ظنك بالغنى الظالم؟ وعلى الجملة، فحركاتك وسكناتك بأعضائك نعمة من نعم الله تعالى عليك؛ فلا تحرك شيئا منها في معصية الله تعالى أصلا، واستعملها في طاعة الله تعالى.
واعلم أنك إن قصرت فعليك وباله، وإن شمرت فإليك تعود ثمرته، والله غني عنك وعن عملك، وإنما كل نفس بما كسبت رهينة، وإياك أن تقول: إن الله كريم رحيم يغفر الذنوب للعصاة؛ فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل، وصاحبها ملقب بالحماقة، بتلقيب رسول الله ﷺ حيث قال: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني) . واعلم أن قولك هذا أيضا هي قول من يريد أن يكون فقيها في علوم الدين من غير أن يدرس علما واشتغل بالبطالة وقال: إن الله كريم رحيم قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما أفاضه على قلوب أنبيائه وأوليائه من غير جهد وتكرار وتعلم وهو كقول من
1 / 57