Le début de l'ère des Ptolémées
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
Genres
وقد جاء فيه:
في سنة سبع (أي: في السنة السابعة من حكم الملك الصبي الإسكندر الرابع، الذي بدأ حكمه الشكلي بعد موت فيلبس أرغيدايوس) عند بدء الفيضان، لما كان الفتى المشمول بقداسة حوروس الكلي القوة، صاحب التاجين، المحبوب من الآلهة الذين منحوه عظمة أبيه، حوروس الذهبي (74)، سيد الدنيا بأسرها، ملك الوجهين البحري والقبلي، وصاحب الأرضين، فرحة قلب آمن (75)، المختار من الشمس، ابن الإسكندر الخالد، صديق آلهة مدينتي «بي» (76) و«تب» (77)، ملكا في بلاد الأجانب بداخلية آسيا، كان في مصر حاكم عظيم اسمه بطلميوس.
كان قويا فتيا، مفتول الساعدين، متزن العقل والروح، حازما بين الناس، شجاع القلب، ثابت القدم، ينكل بالعابثين المرهبين، لا ينكص على عقبيه، بل يضرب أعداءه في وجوههم أثناء المعركة، إذا أمسك بالقوس، فإنه لا يصوب نحو عدوه من بعيد، بل يحارب بالسيف. ولم يكن في مستطاع أحد أن يقف أمامه في الوقيعة، فإن قوة ساعديه، لا تمكن أحدا من الإفلات من ضربات يديه. لا ينقض أمرا أمر به وتحركت به شفتاه، ليس له من مثيل في كل بلاد الأجانب. ولقد أعاد كل تماثيل الآلهة التي وجدها في آسيا، وكذلك أعاد الأثاثات والكتب التابعة لكل هياكل الشمال والجنوب إلى أماكنها. واتخذ من قلعة الإسكندر، المختار من الشمس وابن الشمس، وتدعى الإسكندرية، القائمة على شاطئ بحر اليونان الكبير، وكانت تدعى من قبل «رقوطيس» (78) مستقرا ومقاما. ولقد جمع كثيرا من اليونان، منهم فرسان، وجمع سفنا كثيرة العدد فيها ملاحوها، عندما ذهب مع زحفه إلى أرض السوريين الذين كانوا في حرب معه، فأخذ أرضهم وأوغل فيها، فحاكت شجاعته شجاعة الباشق بين بغاث الطير. وبعد أن أسرهم أجمعين، حمل أمراءهم وفرسانهم وسفنهم وآثارهم الفنية إلى مصر. وبعد أن غزا إقليم «مرمرتي» (79) - «قورينيقا»، وبسط يده على أهله، جلب إلى مصر رجاله ونساءه أسارى، كما سلب خيلهم؛ جزاء ما فعلوا بمصر.
ولما عاد إلى مصر أظهر فرحه بما أوتي من نصر، فأقام مهرجانا وزينة. وكان هذا الحاكم يسعى دائما في أن يعمل كل خير يستطيعه، لعله يرضي آلهة الوجهين: القبلي والبحري، فكلمه الذين يتصلون به، ومنهم شيوخ مصر السفلى قائلين: «إن أرض البحر، واسمها بطانوت (80)» كان قد وهبها الملك «خباش» (81) الخالد ابن الشمس، لآلهة «بي» و«تب» بعد أن ذهب قداسته إلى «بي» و«تب»؛ ليرى أرض البحر ويرود إقليمها، وأوغل في داخلية المستنقعات، وامتحن بنفسه كل مصب من مصبات النيل التي تذهب بمائه إلى البحر العظيم؛ كي يعرف كيف يصد غارة أساطيل آسيا عن مصر، فتكلم قداسته لمن حوله قائلا: «دعوني أرود أرض البحر لأحيط بها علما» فأجابوا قداسته قائلين: «إن أرض البحر (وتدعى أرض بطانوت) كانت ملك آلهة «بي» و«تب» منذ أزمان بعيدة لا تعيها الذكريات، فلما جاء العدو «إجزرسيز» (82) قلب آيتها ولم يترك منها شيئا لآلهة «بي» و«تب». فأمر قداسته أن يمثل أمامه حكام «بي» و«تب» وكهنتهما؛ فأحضروا على عجل، وتكلم فيهم قداسته قائلا: عرفوني ماهية آلهة «بي» و«تب» وصفاتهم، وماذا فعلوا اقتصاصا من الفاسق على عمل فاحش أتاه، وقد رأيت أن «إجزرسيز» الفاسق قد أنزل ببلدتي «بي» و«تب» شرا، واغتصب حقوقهما.
فتكلموا أمام قداسته قائلين: إن الملك سيدنا «حوروس» ابن «إيزيس» وابن «أزريس» حاكم الحاكمين، وملك ملوك مصر العليا، وملك ملوك مصر السفلى، المنتقم لأبيه، سيد «بي»، بداية الآلهة ونهايتهم، الذي ليس بعده من ملك، قد طرد الفاسق «إجزرسيز» مع ابنه الأكبر، وتجلى بقدرته العلوية في هيكل «نيط» (83) وفي مدينة «سايس» (صالحجر) (84) في نفس ذلك اليوم بجانب الأم المقدسة. فتكلم قداسته قائلا: «إن هذا الإله القادر، الذي ليس بعده من ملك، سيكوت منار قداستي، وأس شريعتي، هذا قسم أقسم به!» وهنا تكلم حكام «بي» و«تب» وكهنتهما قائلين: إذن، فلتأمر قداستك بأن توهب أرض البحر (الأرض التي تدعى بطانوت) لآلهة «بي» و«تب»، بخبزها وشرابها وثيرانها وطيورها وكل خيراتها وأطايبها، وليسجل تجديد الهبة باسمك تنويها بكرمك وجزل عطائك لآلهة «بي» و«تب»، وجزاء لك عن أعمالك العظيمة.
وهنا تكلم الحاكم العظيم قائلا: «فليصدر مرسوم بالكتابة في ديوان كاتب مالية الملك بالنص الآتي: «أنا بطلميوس الوالي، أعيد إلى حوروس المنتقم لأبيه سيد «بي» وإلى «بوطون» (85) سيدة «بي» و«تب»، أرض «بطانوت» منذ الآن إلى أبد الآبدين، بكل ما فيها من القوى والسكان، مع كل حقولها ومياهها وثيرانها وطيورها وقطعانها ومنتوجاتها، كما كانت من الزمن السالف، مع كل ما أضيف إليها مذ ذاك بمقتضى العطية التي أعطاها سيد الأرضين «خباش» الخالد، على أن يكون حدها الجنوبي بلدة «بوطون» وبلدة «هرموبولس» (86) الشمالية حتى المكان الذي يعرف باسم «ناونيبو» (87)، وعلى أن يكون حدها الشمالي كثبان الرمل التي تشرف على البحر العظيم، وعلى أن يكون حدها الغربي تعاريج النهر الصالحة للملاحة، حتى حدود تلك الكثبان، وعلى أن يكون حدها الشرقي إقليم «سبنوطس» (88). ولتكن عجولها غذاء للبواشق العظيمة، وفحولها لوجه الآلهة «نبطاوي» (89)، وثيرانها للبزاة العائشة، ولبنها للطفل الأعظم، ودجاجها لمن هو في «شعت» (90) الذي حياته من ذات نفسه. وكل الأشياء التي تخرج منها تكون وقفا على مذبح «حوروس» سيد «بي» و«بوطون» رئيس «رع هرماشيس» (91) إلى الأبد.
فكل الأرض التي منحها الملك سيد الأرضين، مثال «تانن» (92)، المختار من «فتاح» ابن الشمس «خباش» الخالد، جدد هبتها حاكم مصر العظيم «بطلميوس» لآلهة «بي» و«تب»؛ لتكون لهم أبد الآبدين، ودهر الداهرين. فليجز تلقاء صنيعه نصرا وقوة تملأ قلبه اطمئنانا؛ حتى تستمر الخشية منه مالئة قلوب الأمم الأجنبية التي تعيش الآن! أما أرض «بطانوت»، فإن من يجرؤ على أن يغتصبها، فإنه سوف يستباح دمه لمن هم في «بي»، وسوف تحل به لعنة الذين هم في «تب»، ولسوف تتلقفه أنفاس الآلهة «أفطاوي » (93) النارية، فتلتهمه في يوم فزعها الأكبر، ولن يغيثه بشربة ماء، ولد له ولا بنت.
منذ سنة 305ق.م أصبح بطلميوس ملكا، وفيه حصرت كل السلطة الدينية العليا في أرض مصر، وأضفى عليه الكهنة المصريون والكتاب كل الألقاب التي كانت تضفى على قدامى الفراعنة. وأوحي إلى الناس أنه كان في الحقيقة ملكا، طوال المدة التي قضاها في مصر، منذ موت الإسكندر الأكبر، حتى لقد نرى أن التاريخ الرسمي للوثائق الحكومية لم يبدأ بسنة 305؛ أي بأول سني حكمه التي انتحل فيها اسم الملك وألقابه، بل من سنة 324-323ق.م وإنا لنفهم كيف بدأ أغارقة ذلك الزمن العجيب يعتقدون في أن «الحظ» قوة مسيرة لا نهاية لأثرها في توجيه الأشياء الإنسانية وتصريفها؛ إذ يرون أن شخصا لم يتطلع في صباه إلى نصيب من الحياة أكثر مما يتطلع إليه سيد مقدوني، غاية مرجوة أن يقضي حياته بين حقول بلاده وتلالها، يطفر وهو في الرابعة بعد الستين، فيصير فرعونا في أرض مصر العظيمة! •••
بعد أن فقد بطلميوس كل أملاكه في خارج مصر في سنة 306ق.م انقلبت آية الحظ ثانية على أنطيغونس، فقد حلت بجيوشه كارثتان في خلال السنتين التاليتين، وقد أطمعه انتصاره على بطلميوس في سورية وقبرص أن يكرر محاولة فردقاس الأولى ويهاجم مصر نفسها، وفي هذا من قلة التبصر وقصر النظر ما فيه. على أنه لم يقدم على ذلك إلا بعد أن جهز قوة عظيمة، برية وبحرية، جعلته يأمل أن يستقوي على العقبتين المعروفتين: الصحراء الواقعة بين فلسطين ومصر، والنيل: صور مصر الخالد.
18
Page inconnue