78

Le commencement du zélé et la fin de l'économique

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Chercheur

فريد عبد العزيز الجندي

Maison d'édition

دار الحديث

Année de publication

1425 AH

Lieu d'édition

القاهرة

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ إِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ مَرَّ بِمَيْتَةٍ، فَقَالَ ﵊: «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ مَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَتَبَ: أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ. وَفِي بَعْضِهَا الْأَمْرُ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ وَالْمَنْعُ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَالثَّابِتُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ﵊ قَالَ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» فَلِمَكَانِ اخْتِلَافِ هَذِهِ الْآثَارِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهَا، فَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ الْجَمْعِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَعْنِي أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَيْنَ الْمَدْبُوغِ وَغَيْرِ الْمَدْبُوغِ) وَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ النَّسْخِ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ لِقَوْلِهِ فِيهِ: قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ. وَذَهَبَ قَوْمٌ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَرَأَوْا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّ تَحْرِيمَ الِانْتِفَاعِ لَيْسَ يَخْرُجُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ ; لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ غَيْرُ الطَّهَارَةِ أَعْنِي كُلَّ طَاهِرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ عَكْسُ هَذَا الْمَعْنَى (أَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ هُوَ طَاهِرٌ.) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دَمَ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ نَجِسٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي دَمِ السَّمَكِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الدَّمِ الْقَلِيلِ مِنْ دَمِ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْبَحْرِيِّ، فَقَالَ قَوْمٌ: دَمُ السَّمَكِ طَاهِرٌ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ نَجِسٌ عَلَى أَصْلِ الدِّمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ قَلِيلَ الدِّمَاءِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الْقَلِيلُ مِنْهَا وَالْكَثِيرُ حُكْمُهُ وَاحِدٌ، وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي دَمِ السَّمَكِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَيْتَتِهِ، فَمَنْ جَعَلَ مَيْتَتَهُ دَاخِلَةً تَحْتَ عُمُومِ التَّحْرِيمِ جَعَلَ دَمَهُ كَذَلِكَ، وَمَنْ أَخْرَجَ مَيْتَتَهُ أَخْرَجَ دَمَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَيْتَةِ، وَفِي ذَلِكَ أَثَرٌ ضَعِيفٌ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ، وَدَمَانِ الْجَرَادُ وَالْحُوتُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» .

1 / 86