Le commencement du zélé et la fin de l'économique
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Chercheur
فريد عبد العزيز الجندي
Maison d'édition
دار الحديث
Année de publication
1425 AH
Lieu d'édition
القاهرة
الصَّلَاةَ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ دَمٍ تَرَاهُ إِلَى تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ صَلَّتْ، وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: تُصَلِّي مِنْ حِينِ تَتَيَقَّنَ الِاسْتِحَاضَةَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تُعِيدُ صَلَاةَ مَا سَلَفَ لَهَا مِنَ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَقَلَّ الْحَيْضِ عِنْدَهُ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.
وَقِيلَ عَنْ مَالِكٍ: بَلْ تَعْتَدُّ أَيَّامَ لِدَاتِهَا، ثُمَّ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعِ الدَّمُ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ.
وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ: فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ:
إِحْدَاهُمَا: بِنَاؤُهَا عَلَى عَادَتِهَا، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَيْضِ.
وَالثَّانِيَةُ: جُلُوسُهَا إِلَى انْقِضَاءِ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ، أَوْ تَعْمَلُ عَلَى التَّمْيِيزِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَعْمَلُ عَلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا.
وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ كُلُّهَا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ وَأَقَلِّ الطُّهْرِ لَا مُسْتَنَدَ لَهَا إِلَّا التَّجْرِبَةُ وَالْعَادَةُ، وَكُلٌّ إِنَّمَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ مَا ظَنَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ أَوْقَفَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ عَسُرَ أَنْ يُعْرَفَ بِالتَّجْرِبَةِ حُدُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي أَكْثَرِ النِّسَاءِ، وَوَقَعَ فِي ذَلِكَ هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَا.
وإنما وَأَجْمَعُوا بِالْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ الدَّمَ إِذَا تَمَادَى أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» وَالْمُتَجَاوِزَةُ لِأَمَدِ أَكْثَرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ قَدْ ذَهَبَ عَنْهَا قَدْرُهَا ضَرُورَةً.
وَإِنَّمَا صَارَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ ﵀ فِي الْمُعْتَادَةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى عَادَتِهَا لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ: «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فاستفتت لها أم سلمة رسول الله ﷺ فَقَالَ: لِتَنْظُرْ إِلَى عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لْتُصَلِّي» فَأَلْحَقُوا حُكْمَ الْحَائِضِ الَّتِي تَشُكُّ فِي الِاسْتِحَاضَةِ بِحُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي تَشُكُّ فِي الْحَيْضِ، وَإِنَّمَا رَأَى أَيْضًا فِي الْمُبْتَدَأَةِ أَنْ تَعْتَبِرَ أَيَّامَ لِدَاتِهَا ; لِأَنَّ أَيَّامَ لِدَاتِهَا شَبِيهَةٌ بِأَيَّامِهَا فَجُعِلَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا.
وَأَمَّا الِاسْتِظْهَارُ الَّذِي قَالَ بِهِ مَالِكٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَهُوَ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ ﵏ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَا عَدَا الْأَوْزَاعِيَّ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ ذِكْرٌ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ ضَعِيفٌ.
1 / 57