Le commencement du zélé et la fin de l'économique
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Chercheur
فريد عبد العزيز الجندي
Maison d'édition
دار الحديث
Année de publication
1425 AH
Lieu d'édition
القاهرة
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]
الْبَابُ الرَّابِعُ
فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] وَقَوْلُهُ ﵊: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَاتَّفَقُوا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ لِصِحَّةِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ خُرُوجُهَا عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ.
وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ تَجْرِي مِنْهُ مَجْرَى الْقَوَاعِدِ لِهَذَا الْبَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْجَسَدِ مِنَ النَّجَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
فَاعْتَبَرَ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ الْخَارِجَ وَحْدَهُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ خَرَجَ وَعَلَى أَيِّ جِهَةٍ خَرَجَ، وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ، وَلَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ فَقَالُوا: كُلُّ نَجَاسَةٍ تَسِيلُ مِنَ الْجَسَدِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ يَجِبُ مِنْهَا الْوُضُوءُ كَالدَّمِ وَالرُّعَافِ الْكَثِيرِ، وَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ إِلَّا الْبَلْغَمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ إِذَا مَلَأَ الْفَمَ فَفِيهِ الْوُضُوءُ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَسِيرَ مِنَ الدَّمِ إِلَّا مُجَاهِدٌ.
وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ آخَرُونَ الْمَخْرَجَيْنِ الذَّكَرَ وَالدُّبُرَ، فَقَالُوا: كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ هَذَيْنِ السَّبِيلَيْنِ فَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ دَمٍ أَوْ حَصًا أَوْ بَلْغَمٍ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ خَرَجَ، كَانَ خُرُوجُهُ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمَرَضِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ آخَرُونَ الْخَارِجَ وَالْمَخْرَجَ وَصِفَةَ الْخُرُوجِ، فَقَالُوا: كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُعْتَادٌ خُرُوجُهُ وَهُوَ الْبَوْلُ، وَالْغَائِطُ، وَالْمَذْيُ، وَالْوَدْيُ، وَالرِّيحُ، إِذَا كَانَ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَهُوَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَلَمْ يَرَوْا فِي الدَّمِ وَالْحَصَاةِ وَالْبَوْلِ وُضَوْءًا، وَلَا فِي السَّلَسِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكٌ وَجُلُّ أَصْحَابِهِ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ أَنَّهُ لَمَّا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ مِمَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَرِيحٍ وَمَذْيٍ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَلِتَظَاهُرِ الْآثَارِ بِذَلِكَ. تَطَرَّقَ إِلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ إِنَّمَا عُلِّقَ بِأَعْيَانِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَقَطْ، الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا عَلَى مَا رَآهُ
1 / 40