Le commencement du zélé et la fin de l'économique

Averroès d. 595 AH
162

Le commencement du zélé et la fin de l'économique

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

بدون طبعة

Lieu d'édition

القاهرة

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْمُتَطَرِّقُ إِلَى الْأَحْوَالِ الرَّاتِبَةِ الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فِعْلِهِ إِيَّاهَا ﷺ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَمْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا ﷺ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ وَمِصْرٍ وَمَسْجِدٍ جَامِعٍ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ اقْتِرَانَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِصَلَاتِهِ مِمَّا يُوجِبُ كَوْنَهَا شَرْطًا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اشْتَرَطَهَا، وَمَنْ رَأَى بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْبَعْضَ دُونَ غَيْرِهِ كَاشْتِرَاطِ مَالِكٍ الْمَسْجِدَ وَتَرْكِهِ اشْتِرَاطَ الْمِصْرِ وَالسُّلْطَانِ، وَمِنْ هَذَا الْوَضْعِ اخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِثْلَ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ تُقَامُ جُمُعَتَانِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا تُقَامُ؟ وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الْأَحْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهَا، هُوَ كَوْنُ بَعْضِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ أَشَدَّ مُنَاسَبَةً لِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنْ بَعْضٍ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ الْمِصْرَ وَلَا السُّلْطَانَ شَرْطًا فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ شَرْطًا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مُنَاسَبَةً، حَتَّى لَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ هَلْ مِنْ شَرْطِ الْمَسْجِدِ السَّقْفُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ تَكُونَ الْجُمُعَةُ رَاتِبَةً فِيهِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا كُلُّهُ تَعَمُّقٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ هَذِهِ لَوْ كَانَتْ شُرُوطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ لَمَا جَازَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهَا ﵊ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ بَيَانَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل: ٦٤]، وَاللَّهُ الْمُرْشِدُ لِلصَّوَابِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَان الجمعة] الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْأَرْكَانِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا خُطْبَةٌ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَاخْتَلَفُوا من ذَلِكَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ هِيَ قَوَاعِدُ هَذَا الْبَابِ. الْمَسْأَلَةُ الأُولَى فِي الْخُطْبَةِ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا شَرْطٌ وَرُكْنٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، وَجُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ إِلَّا ابْنَ الْمَاجِشُونِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هُوَ: هَلِ الْأَصْلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنِ احْتِمَالِ كُلِّ مَا اقْتَرَنَ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ شُرُوطِهَا أَوْ لَا يَكُونَ. فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْخُطْبَةَ حَالٌ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، وَبِخَاصَّةٍ إِذَا تَوَهَّمَ أَنَّهَا عِوَضٌ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ نَقَصَتَا مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ قَالَ: إِنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَشَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ الْمَوْعِظَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ سَائِرِ الْخُطَبِ

1 / 170