137

Le commencement du zélé et la fin de l'économique

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Enquêteur

فريد عبد العزيز الجندي

Maison d'édition

دار الحديث

Année de publication

1425 AH

Lieu d'édition

القاهرة

مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ وَائِلٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَ الْجَمْعِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، وَذَهَبَ الطَّبَرِيُّ مَذْهَبَ التَّخْيِيرِ، وَقَالَ: هَذِهِ الْهَيْئَاتُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ وَحَسَنٌ فِعْلُهَا لِثُبُوتِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، فَإِنَّ الْأَفْعَالَ الْمُخْتَلِفَةَ أَوْلَى أَنْ تُحْمَلَ عَلَى التَّخْيِيرِ مِنْهَا عَلَى التَّعَارُضِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ التَّعَارُضُ أَكْثَرَ فِي الْفِعْلِ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ فِي الْقَوْلِ مَعَ الْقَوْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَالْأَخِيرَةِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ فِي الْوُسْطَى إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ، وَشَذَّ قَوْمٌ وَقَالُوا: إِنَّهَا فَرْضٌ، وَكَذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ فِي الْجَلْسَةِ الْأُخْرَى إِلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ تَعَارُضُ مَفْهُومِ الْأَحَادِيثِ، وَقِيَاسُ إِحْدَى الْجَلْسَتَيْنِ عَلَى الأخرى، وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ «اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا» فَوَجَبَ الْجُلُوسُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، فَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا قَالَ: إِنَّ الْجُلُوسَ كُلَّهُ فَرْضٌ، وَلِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الثَّابِتِ «أَنَّهُ ﵊ أَسْقَطَ الْجَلْسَةَ الْوُسْطَى، وَلَمْ يَجْبُرْهَا، وَسَجَدَ لَهَا» وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَسْقَطَ رَكْعَتَيْنِ فَجَبَرَهُمَا، وَكَذَلِكَ رَكْعَةٌ ; فَهِمَ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا الْفَرْقَ بَيْنَ حُكْمِ الْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَحُكْمِ الرَّكْعَةِ، وَكَانَتْ الرَّكْعَةُ عِنْدَهُمُ فَرْضًا بِإِجْمَاعٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ الْجَلْسَةُ الْوُسْطَى فَرْضًا، فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ أَنْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْجَلْسَتَيْنِ، وَرَأَوْا أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلسُّنَنِ دُونَ الْفُرُوضِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا فَرْضٌ قَالَ: السُّجُودُ لِلْجَلْسَةِ الْوُسْطَى شَيْءٌ يَخُصُّهَا دُونَ سَائِرِ الْفَرَائِضِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُمَا كِلَيْهِمَا سُنَّةٌ فَقَاسَ الْجَلْسَةَ الْأَخِيرَةَ عَلَى الْوُسْطَى بَعْدَ أَنِ اعْتَقَدَ فِي الْوُسْطَى بِالدَّلِيلِ الَّذِي اعْتَقَدَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا سُنَّةٌ.
فَإِذَن السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ آيِلٌ إِلَى مُعَارَضَةِ الِاسْتِدْلَالِ لِظَاهِرِ الْقَوْلِ أَوْ ظَاهِرِ الْفِعْلِ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ أَيْضًا مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْجَلْسَتَيْنِ كِلَيْهِمَا فَرْضٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَفْعَالَهُ - عَلَيْهِ

1 / 145