128

Le commencement du zélé et la fin de l'économique

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Enquêteur

فريد عبد العزيز الجندي

Maison d'édition

دار الحديث

Année de publication

1425 AH

Lieu d'édition

القاهرة

وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا أَيْضًا إِنَّ قَوْلَهُ ﵊ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» مُبْهَمٌ وَالْأَحَادِيثَ الْأُخرَى مُعَيِّنَةٌ، وَالْمُعَيِّنُ يَقْضِي عَلَى الْمُبْهَمِ، وَهَذَا فِيهِ عُسْرٌ، فَإِنَّ مَعْنَى حَرْفِ (مَا) هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ مَعْنَى أَيِّ شَيْءٍ تَيَسَّرَ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ هَذَا إِنْ دَلَّتْ (مَا) فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ لَامُ الْعَهْدِ، فَكَانَ يَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: اقْرَأِ الَّذِي تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَكُونُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أُمَّ الْكِتَابِ، إِذَا كَانَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي (الَّذِي) تَدُلُّ عَلَى الْعَهْدِ، فَيَنْبَغِي أَنَّ يُتَأَمَّلَ هَذَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنْ وَجَدْتَ الْعَرَبَ تَفْعَلُ هَذَا (أَعْنِي تَتَجَوَّزُ فِي مَوْطِنٍ مَا) فَتَدُلُّ بِـ (مَا) عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَلْيَسُغْ هَذَا التَّأْوِيلُ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، فَالْمَسْأَلَةُ كَمَا تَرَى مُحْتَمِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرْتَفِعُ الِاحْتِمَالُ لَو ارتفع النَّسْخُ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ مَنْ أَوْجَبَ أُمَّ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ فَسَبَبُهُ احْتِمَالُ عَوْدَةِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ ﵊ «لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الكتاب» عَلَى كُلِّ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الْكُلِّ مِنْهَا أَوْ فِي الْجُزْءِ. أَعْنِي: فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ ﵊ «لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا» وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَصَارَ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى أَنْ يَتْرُكَ الْقِرَاءَةَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ: (أَعْنِي: فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ) وَاخْتَارَ مَالِكٌ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِالْحَمْدِ فَقَطْ، فَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يقْرَأَ فِي الْأَرْبَعِ مِنَ الظُّهْرِ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ إِلَّا أَنَّ السُّورَةَ الَّتِي تقرأ فِي الْأُولَيَيْنِ تَكُونُ أَطْوَلَ، فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الثَّابِتِ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقَطْ» .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الثَّابِتِ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْعَصْرِ لِاتِّفَاقِ الْحَدِيثَيْنِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ".
الْمَسْأَلَةُ السّادِسَةُ ; اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْعِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ قَالَ: «نَهَانِي جِبْرِيلُ ﷺ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا

1 / 136