76
ثم التفت حسنين إلى حسين وسأله بوحشية: أين تظنه هرب؟
وكانت مرت فترة من الوقت ثاب فيها حسين إلى بعض نفسه، فلم يرتح للهجة الشاب القاسية وقال: من لي بأن أعلم! (ثم بلهجة لا تخلو من تأنيب) تذكر أنه أخونا! - بعد هذا كله! - نعم ، بعد هذا كله.
نطقها بصوت عميق ليعزي قلبا يعلم أنه - على صمته - في أمس حاجة إلى العزاء، ولكن ثارت ثائرة الآخر وصاح به: لقد قضى علينا.
فقال حسين بصوت متعب: لا تبالغ ولا تصح، ينبغي أن تفكر في هدوء. - إن الحي كله يتحدث الآن عن فضيحتنا.
فقال حسين في هدوء: في وسعنا أن نهجر الحي كله.
فتطلع إليه حسنين بعينين حائرتين انشقت ظلمتهما عن بصيص أمل، هذا دعاء تهفو له نفسه ملبية وكأنها هي التي تتكلم، وغمغم متسائلا: ماذا قلت؟ - لم لا؟ القاهرة واسعة لا تحد، وسيطوي النسيان قصتنا في أقل من أسبوع!
فتنهد حسنين في شبه ارتياح، ولكنه قال في حذر: لن نمحو الماضي. - فلنفكر في المستقبل. - ولكن الماضي سيطارد المستقبل إلى الأبد.
فقال حسين بملل: فلنفكر جديا في الانتقال إلى مكان آخر، ويجب أن يتم هذا قبل انتهاء إجازتي.
وقالت الأم برجاء: أجدر بنا أن نفكر في هذا حقا.
Page inconnue