Les Débuts et la Fin
البداية والنهاية
Maison d'édition
مطبعة السعادة
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Histoire
تَعَالَى فِي أَرْضٍ وَيَسُوقُهَا إِلَى أُخْرَى رِزْقًا لِلْعِبَادِ. وَمِنْهَا كِبَارٌ وَمِنْهَا صِغَارٌ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ والمصلحة. وقد تكلم أصحاب علم الهيئة والتفسير عَلَى تَعْدَادِ الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ وَأُصُولِ مَنَابِعِهَا وَإِلَى أَيْنَ يَنْتَهِي سَيْرُهَا بِكَلَامٍ فِيهِ حِكَمٌ وَدَلَالَاتٌ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ فَاعِلٌ بالاختيار والحكمة- وقوله تعالى وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ٥٢: ٦ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبَحْرُ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْأَوْعَالِ. وانه فوق السموات السَّبْعِ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، وَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ قَبْلَ الْبَعْثِ فَتَحْيَا مِنْهُ الْأَجْسَادُ مِنْ قُبُورِهَا. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. وَالثَّانِي أَنَّ الْبَحْرَ اسْمُ جِنْسٍ يَعُمُّ سَائِرَ الْبِحَارِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ فَقِيلَ الْمَمْلُوءُ وَقِيلَ يَصِيرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا تُؤَجَّجُ فَيُحِيطُ بِأَهْلِ الْمَوْقِفِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ على وابن عباس وسعيد بن جبير وابن مجاهد وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَمْنُوعُ الْمَكْفُوفُ الْمَحْرُوسُ عَنْ أَنْ يَطْغَى فَيَغْمُرَ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا فَيَغْرَقُوا. رَوَاهُ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَانَ مُرَابِطًا بِالسَّاحِلِ قَالَ «لَقِيتُ أَبَا صَالِحٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ «لَيْسَ مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَالْبَحْرُ يُشْرِفُ فِيهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَسْتَأْذِنُ الله ﷿ أن يتفصح عَلَيْهِمْ فَيَكُفُّهُ اللَّهُ ﷿» وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مُرَابِطٌ قَالَ «خَرَجْتُ لَيْلَةً لِمَحْرَسٍ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنَ المحرس غَيْرِي فَأَتَيْتُ الْمِينَاءَ فَصَعِدْتُ فَجَعَلَ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ الْبَحْرَ يُشْرِفُ يُحَاذِي بِرُءُوسِ الْجِبَالِ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا وَأَنَا مُسْتَيْقِظٌ فَلَقِيتُ أَبَا صَالِحٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا وَالْبَحْرُ يُشْرِفُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يستأذن الله أن يتفصح عَلَيْهِمْ فَيَكُفُّهُ اللَّهُ ﷿ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مُبْهَمٌ [١] وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا مِنْ نِعَمِهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ أَنْ كَفَّ شَرَّ الْبَحْرِ عَنْ أَنْ يَطْغَى عَلَيْهِمْ وَسَخَّرَهُ لَهُمْ يَحْمِلُ مَرَاكِبَهُمْ لِيَبْلُغُوا عَلَيْهَا إِلَى الْأَقَالِيمِ النَّائِيَةِ بِالتِّجَارَاتِ وَغَيْرِهَا وَهَدَاهُمْ فِيهِ بِمَا خَلَقَهُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنَ النُّجُومِ وَالْجِبَالِ الَّتِي جَعَلَهَا لَهُمْ عَلَامَاتٍ يَهْتَدُونَ بِهَا فِي سَيْرِهِمْ وَبِمَا خَلَقَ لهم فيه مِنَ اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ الْعَزِيزَةِ الْحَسَنَةِ الثَّمِينَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إِلَّا فِيهِ وَبِمَا خَلَقَ فِيهِ مِنَ الدَّوَابِّ الْغَرِيبَةِ وَأَحَلَّهَا لَهُمْ حَتَّى مَيْتَتَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ ٥: ٩٦ وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ نظر
_________
[١] قوله مبهم وفي نسخة متهم
1 / 23