Beyrouth et le Liban depuis un siècle et demi
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Genres
السابع : إن المسيحيين اتبعوا عادة الأوروبيين في إحياء السهرات، كما اقتبسوا منهم عادة القيام بالزيارات دون أن تشرك النساء بهذه الأعمال المؤنسة إلا إذا كن من أقارب الزائرين أو بين أزواجهن إلفة شديدة. إن هذه الضروب من اللياقة ترتكز على المبادلة فحسب.
أما المسلمون فيخبئون نساءهم؛ لأن القرآن جعل لهم من ذلك سنة، والمسيحيون قد يأتون ذلك تقليدا لهم؛ لأن عاداتهم هي بالواقع شبيهة بعادات المسلمين. إن للنصارى أوهامهم وتعصبهم، وإن كانوا ذوي كفاءة في العلوم التي يظهرون فيها تفوقا. وقد لمست هذا التفوق في الأعمال الفكرية، ولا سيما الحسابية منها، بوجه خاص. ويظهر لي أن المسلمين لم يخلقوا لهذه العلوم؛ ولهذا نرى المسيحيين يشغلون مراكز أمناء السر، والمفوضين، وأمناء الصناديق.
إن الإسرائيليين دللوا على الأسبقية في علم الاقتصاد، وقليل هم الباشوات الذين لم ينتقوا صيارفتهم من الطائفة الموسوية.
وعلى الرغم من أن الكتب هي نادرة الوجود في الشرق، فالمسيحيون يملكون الكثير منها، فيتعلمون دروسا نافعة، فتسمو أخلاقهم.
والمسيحيون مدينون بثقافتهم إلى مخالطة الأوروبيين، ولا سيما المرسلين الذين يقيمون بينهم، ويزورونهم بصورة منظمة.
وتواريخ سوريا تنبئنا أن مسيحيين كثيرين مثلوا دورا هاما في الحقل السياس. وهذا يجب أن لا يدهش في بلاد كل شيء فيها متأثر بالرشوة. ولكن التاريخ يعلمنا أيضا أن هؤلاء الرجالات لم يكن لهم من العمر إلا ما يكون للشهاب، تاركين لعائلاتهم الذكريات المؤلمة.
إن موقف المسيحيين هو من أتعس المواقف في تركيا على الرغم من التحسينات التي شعروا بها بعد أعمال الإصلاح التي قام بها السلطان محمود، والتي أكملها السلطان الحالي؛ وذلك لأنهم يفتقرون إلى زعيم يلجئون إليه ويحتمون به.
إن افتقار الناس إلى ظهير ونصير في هذه البلاد قد حملهم على السعي الحثيث وراء نيل الحمايات الأوروبية. وهكذا، فإن أجمل حلم يمكن أن يتصوره عربي هو الاحتماء في ظل أحد القناصل.
ولكن قليلون هم من يرغبون في ذلك، رغم الرغبة المتبادلة التي تظهر عن ملتمسي الحماية والسلطات الحامية الراغبة في تنمية عدد هؤلاء؛ فالسلطة التركية - التي لا تتنازل إلا مكرهة عما لها من حقوق على رعاياها - تخلق ما تستطيع من العراقيل لتحول دون منح الحماية الأجنبية.
فأول امتياز يحصل عليه الجباة المشمولون بالحماية هو أن يعفوا من دفع الضرائب، مع أنه يجب ألا يستفيدوا إلا من الإجراءات التي تكفل لهم حرمتهم دون أن تلحق ضررا بالخزينة. إن الحماية لازمة إذا كان القصد منها دفع الظلم والجور.
Page inconnue