Beyrouth et le Liban depuis un siècle et demi
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Genres
1
ليلفظها على ضفاف اليابسة التي يسمونها رأس بيروت.
كانت هذه البقعة مكسوة قديما بالأغراس والأبنية، وربما بالمدافن أيضا. وهنالك سببان يحملانني على هذا الاعتقاد؛ الأول: أن الأقدمين كانوا يدفنون - دائما - موتاهم على المرتفعات العالية لجهة البحر، والثاني: وفرة بقايا الخزفيات والزجاج وقطع المعادن والمسكوكات التي كانت تظهر على أثر هبوب العاصفة. فالماء والهواء كانا يكنسان هذا المكان ويتركان في العراء هذه البقايا الأثرية.
إن الصخور التي لم تغطها الرمال محفورة - أينما كانت - بشكل دياميس ونواويس. وقد نجد كثيرا من النواويس المصنوعة من التراب الفخاري أو الرصاص.
طمست عدة أماكن خلال أربعة عشر عاما قضيتها في بيروت. ويمكننا القول - منذ الآن - إذا ما حكمنا بالنظر إلى تدافع الرمال السنوي: إنه في أقل من قرنين ستصبح جهة رأس بيروت المعرضة لهذه الحملات الرملية مطمورة كلها.
2
ناهيك بأن الشاطئ معرض بكليته لمثل هذا الهجوم العدواني. بيد أن النتائج التي يحدثها قليلا ما تؤثر فيه بسبب نتوء رأس بيروت الذي يكسر شوكة حدته.
وإذا نظرنا بعين التأمل إلى طبيعة الأرض التي تحيط ببيروت، فقد يخامرنا الريب - ولو هنيهة - بأن هذه المدينة كانت قائمة - في زمن قديم جدا - على جزيرة، ومنفصلة عن لبنان؛ لأن تربة السهل المحدق بها مؤلفة من الرمل.
أما إذا توجهنا صوب الجنوب فنجد بعض أشجار من الصنوبر تسترعي الانتباه نظرا لعلوها وضخامتها، ونرى على مقربة منها بقعا من الأرض مكسوة بهذه الأشجار التي يدل اختلافها في الغرس والعتق على عصور مختلفة.
إن أشجار الصنوبر الضخمة التي تلقى بدون رحمة في الأتاتين لعمل الكلس (والبيروتيون يظنون أنها خلقت لذلك)، فقد أصبحت على وشك الاضمحلال، وهنا مقام القول الفصل بقضية أثارها سائحان حول أصل هذه الأشجار وعمرها.
Page inconnue