Beyrouth et le Liban depuis un siècle et demi
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
Genres
وليس لطريقة السياحة في هذه البلدان سعة الطريقة الأوروبية وأساليبها السهلة، مع أنها ضرورية. غير أن الرحلات هنا يقام بها بأكثر لذة، وعلى الأخص خلال ثمانية أشهر في السنة أو تسعة. إنها تذكرنا بالأزمنة البدائية يوم كانت تكثر سعادة البشر وتزداد بقدر ما هم قريبون من الطبيعة؛ فالسعادة أمست تطلب اليوم من رفيق أنيس، فالرفيق هو أولى العدد التي يحتاج إليها السائح في الشرق ولا يمكنه الاستغناء عنها.
إنني أذكر هذه الأبيات من الشعر لدي ليل:
1 ... إن الأشجار تتحدث قليلا، هذا ما قاله لافونتين
فأود لو أجد واحدا إلى جانبي لأنقل له ما يوحيه إلي الغاب.
إن الفصل
الحادي والثلاثين (من هذا الكتاب) ينير طريقنا؛ إذ يصف لنا البيوت العربية والرفاهية التي يمكننا أن نعتمد عليها فيها.
وإني أنصح دائما المسافر الذي لا يملك خيمة (شادر)، أو ليس في عبه كتاب توصية، أن يتوجه إلى كاهن المحلة؛ لأن منزله أكثر نظافة من غيره، بل أقل قذارة إذا أردنا الصدق. أما المنفعة من هذا الانتقاء، فهي توخي دفع المصارفات دائما؛ لأن الكاهن لا يمكنه أن يرفض ما يقدم له (كحسنة قداس). أما إذا كان غير هذا فالمضايقة واقعة لا محالة.
نصبت خيمتي على سطح منزل الكاهن، وهو قائم في الضواحي التي لا يتمتع فيها بأمان كبير.
يجب أن يحذر المسافر آراء أبناء هذا البلد وبعض الفرنجة؛ فهم يحشون - إذا ما استشيروا - مخيلة السائحين بالمبالغات التي يروونها عن الآثار التي أدهشتهم، وذلك يعود إلى غباوتهم لأنهم لا يشبهون القلاع التي يخلب ألبابهم منظرها الرائع إلا بما نراه اليوم من بنيات، وهي أكثر سماجة من التي نسميها نحن بربرية. إن العرب تدهشهم - بوجه عام - رؤية الأنقاض، وكل قلعة مبنية بحجارة ضخمة تعد بمجرد هذه الضخامة أعجوبة في نظرهم. إنهم يؤكدون أن الناس يعجزون عن إشادة مثلها، ويعزون ذلك العمل إلى الجن.
ويجب علي أن أحيط القارئ علما بأني أمتنع عن التدليل على الأخطاء العديدة المنتشرة هنا وهناك في مؤلفات السياح. إن مهمة الناقد لا تغريني البتة، فضلا عن أني إن فعلت فقد أعرض نفسي إلى أن أكون متعبا ومملا دون أن يكون لي أقل نصيب في أن ألذ قارئي؛ فالكثيرون من الذين سبقوني قد نظروا إلى الأشياء التي وصفوها نظرة عجلى، أو إنهم وثقوا ثقة عمياء بالأشخاص الذي استقوا منهم معلوماتهم؛ وهذان السببان يخلقان لهم عذرا. ولما كنت أعتبر - ولا شك - أنهم تحدثوا صادقين عن نقاط أخرى، فقد كنت جد مسرور بذكر ما أذاعوا، وقد اهتممت بنقل أقوالهم كما وردت في كتبهم، بدلا من إيرادها بتعابير أخرى؛ وفي ذلك فخر لي أني تركتها لهم، وضحيت بأنانيتي لأؤيد بالشواهد آرائي التي تضمنها كتابي هذا. إن هذه الآراء وإن بدت ضعيفة، فهي لا تقل قيمة عن آرائي أنا الذي عرف البلاد ولابس أهلها. إني أعدها نوعا من التأكيد الذي يضاف إلى المزاعم المنقولة، ودعامة للفكرة التي سبقني إليها غيري.
Page inconnue