أقلتنا سيارة أجرة إلى منطقة «عين المريسة» القريبة من نقاط التماس مع المنطقة الشرقية. وطلب وديع من السائق التوقف أمام مبنى حديث تبدو آثار الحريق في مدخله، فغادرت السيارة التي كرت عائدة بوديع إلى مكتبه.
كانت آثار الحريق تمتد إلى متجر لبيع السجاير والحلوى، تتصاعد منه رائحة البن المنعشة، وتتصدر مدخله مجموعة من الأواني الزجاجية الكروية الشكل والمتماثلة الحجم، تضم أنواع البندق واللوز المقشور، والفستق الحلبي الشهير.
اعترضني شابان مسلحان في مدخل المبنى، أصرا على تفتيش حقيبة يدي، والاتصال من تليفون أمامهما بمكتب لميا قبل أن يسمحا لي بالصعود.
ارتقيت درجات قليلة إلى كشك المصعد. ولم يكن موجودا ففضلت أن أواصل صعود الدرج الذي ظهرت آثار الانفجار على جدرانه. وعندما بلغت الطابق الثاني، رأيت لافتة «دار الثقافة» فوق باب مفتوح، انتصب أمامه حامل معدني. وكان هناك عامل فوق قمة الحامل، عكف على إضافة طبقات من خليط إسمنتي إلى السقف.
كان هناك عامل آخر بالداخل يطلي الجدران، يراقبه رجل طويل القامة بصورة غير مألوفة، يتدلى مسدس من خاصرته. ولم يسمح لي بالمرور إلا بعد أن اطلع على جواز سفري وتولى تفتيشي، ثم أسلمني إلى سكرتيرة ممتلئة الجسم ضاحكة الوجه، أرشدتني إلى غرفة في أقصى ممر على يمين المدخل.
طرقت الباب ودخلت، فطالعتني عينا لميا الواسعتان. كانت تجلس خلف مكتب معدني في صدر غرفة رحبة. نهضت باسمة، ودارت حول مكتبها ثم مدت يدها لي فتصافحنا. واحتفظت بيدي في يد رخصة، وهي تقودني إلى كنبتين صغيرتين متعامدتين في ركن الغرفة، استقرت بينهما طاولة زجاجية صغيرة، فجلس كل منا على واحدة.
كانت ترتدي رداء أخضر اللون، يتألف من بلوزة ذات كمين قصيرين، وجوب على شكل البنطلون القصير. وملأت عيني من بشرتها الموردة وشفتيها الممتلئتين الناعمتين.
خاطبتني في صوت رقيق: كيفك أستاذ؟
قلت: منيح.
قالت: نحن نحب اللهجة المصرية ونفهمها بسهولة، فلا تتعب نفسك في تقليد لهجتنا.
Page inconnue