أدارت له السيدة ظهرها، وكان قد انسحب الجميع، دخل مكفهرا إلى داخل قاعة الاجتماعات.
الفصل العاشر
بدا أن الرئيس ونائبته، إنما يتحرشان به، راوده هذا حين كان مأخوذا يدون إحدى الملاحظات عقب تعليق موجز أدلت به زميلة باحثة فنلندية في موضوع، أو حقل الحزازير والفوازير، مما أربكه إلى حد متابعتها في عداء.
لكن ما إن التقت صدفة عيناه بعيني الرئيس ونائبته متقاربي الرأسين، وعيونهما الأربع تحط عليه، واهتزازة الرئيس إياها، التي دفعت ذات مرة بما كتب المغتال لأن يفض اجتماعه الوزاري رافعا رأسه عاليا إلى حيث الكوة النارية في أعلى سقف البهو الملكي، ومنها يطل شبح رأس الملك الشرعي الذبيح صارخا بعلو صوته: لا تهز جدائلك الدامية.
لماذا يرقبانني على هذا النحو كما لو كنت المتهم الوحيد في هذا الحشد القفصي؟
انكب المهاجر من جديد وقد اختلج تنفسه قائلا: الأمر لا يحتاج. ثلاث جلسات أرفع فيها إصبعي بأدب، ثم يدي فذراعي المشمر بكامله في طلب الكلمة، أية كلمة، وجهة نظر.
رفع ذراعه عاليا، بل هو قام واقفا احتجاجا على مرأى من كل المؤتمرين، فنقر الرئيس على طاولته بخنجر نحاسي أعد لتقطيع الورق، ودون أن يومئ إليه مباشرة.
جلس في مكانه، دون أن يلحظه أحد.
وارتفع صوت باحثة «حزر فزر»، فطغى على تساؤلات الحضور من الباحثين والصحفيين والمراقبين.
راحت الفنلندية الفاتنة تربط بين الحزازير والألغاز، وبين طاقات الذكاء الفطري لدى الأقدمين وورثتهم، فها هي ميكروفونات البث والتليفزيون الملون، يغرقوننا بفوازيرهم السخيفة خاصة مع تسالي رمضان، ثم ها هي الصحف السيارة لا تبعد بنا كثيرا عن ملغزات جلجاميش، في مواجهة الإله الأكبر، سائلا عن الموت قبل الحياة، متحديا ذلك الإله الأزلي الخالد: اشمعنى أنت اللي خالد؟!
Page inconnue