Entre les marées et les afflux : pages sur la langue, la littérature, l'art et la civilisation
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
Genres
ثانيا:
أن يؤلف لجنة أخرى توجد لجميع المسميات والمعاني والأدوات الجديدة أسماء وتعبيرات سهلة، إن لم تكن في كتب العرب فعن طريق النحت والاشتقاق والتعريب؛ لتقرير ما يتفاهم به أهل جميع الأقطار، فلا يكون كل من كتابهم قاموسا لذاته ومجمعا متفردا.
ثالثا:
أن يؤلف لجنة ثالثة ترجع إلى: «عمال السكة الحديد، وباعة الأقمشة والأثاث والماعون وأدوات الزينة والاستصباح والطب والهندسة والصناعة والزراعة، وسائر شئون الحياة، ومرافق المعيشة التي اتسعت دائرتها بيننا؛ فتتعرف مصطلحات كل جماعة ومهنة، وتأخذ عنهم الأسماء التي عربوها وتواطئوا على استعمالها، فتتناولها وتهذب منها ما هو خليق بالتهذيب وتدونه في القاموس الذي يتحتم تأليفه.
رابعا:
أن يلخص لنا المجمع القواعد في كتاب واف على اختصاره على نحو ما يفعل الإفرنج، بحيث يضمن للمتعلم الإلمام بها؛ فيعالج اللغة ويكتبها كتابة صحيحة في أقرب وقت ممكن.
هذا أهم ما يقوم به مجمع لغوي عربي، على أن لا ينفرد مجمع قطر واحد بتقرير الألفاظ وتدوينها؛ لأن اللغة ليست له وحده، بل عليه أن يعرض خلاصة أبحاثه على علماء الأقطار الأخرى ومجامعها، فيبحثونها ويكون التقرير في آخر الأمر بالإجماع - قدر المستطاع.
إذا كانت الأكاذمية الفرنساوية أشهر أكاذمية من نوعها؛ فلماذا نضرب صفحا عن مثيلاتها اللائي هن دونها شهرة، على أنهن جميعا أنشئن في بادئ الأمر لتنقيح اللغة وإنعاشها، ثم تدرجن إلى العناية بعلوم الآداب والتاريخ والاجتماع وغيرها؟
على المجمع العربي أن يبدأ بما بدأت به المجامع الأخرى، لقد أطلعتنا أوروبا على ما أبدعته وتتابعت الاكتشافات وتعددت العلوم؛ فوجدنا أنفسنا بغتة إزاء أشياء نجهلها ومسميات لا أسماء لها عندنا، بينا يشتد احتكاكنا بالأجانب واحتياجنا إليهم، ونضطر إلى مخالطتهم سواء في بلادنا وفي بلادهم، وقد درسنا لغاتهم فرأينا فيها العجب، ولا أدري لماذا نحن لا نجاري تلك اللغات، ومميزات لغتنا هي ما فيها من التصاريف وحروف المعاني، وهذه كافية وافية. وإذا اضطرت إلى اسم لمسمى جديد فإما أن تضعه لها وإما أن تقتبسه من غيرها. على هذا النسق تمشت العربية في القرون الأولى حين ترجمت إليها كتب العلم والفلسفة من السريانية واليونانية والهندية، وقام فيها واضعو علوم اللسان، فإنهم وضعوا واشتقوا وعربوا واقتبسوا، وبقيت العربية في مقامها الأنيق يتفنن في سبك المعاني في قوالبها أبو الطيب وأبو العلاء والصابي والأصفهاني وابن سينا وابن رشد وأمثالهم من العلماء والأدباء.
لقد وسع القرآن اللغة العربية وحفظها من الدثور، وأبقاها في رونقها الأول.
Page inconnue