Entre la religion et la philosophie : L'opinion d'Averroès et des philosophes du Moyen Âge
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
17
فقد رأى بعض الشراح في هذا مماثلة لما جاء في بعض الأساطير الإغريقية من هذا الضرب من التضحيات.
18
ومثال آخر وهو قصة بلبلة الألسن التي وردت في التوراة، والتي قرب إليها بعض معاصري موسى أسطورة إغريقية تقول بأن لغة الناس والحيوان كانت أول الأمر واحدة. إن فيلون يعرض هنا هذه الأسطورة ثم يذكر أن موسى وقد اقترب أكثر ما يكون من الحقيقة فصل الحيوانات عن الكائنات العاقلة، وأظهر وحدة اللغة بالنسبة للناس فقط أول الأمر، على أن فيلون بعد أن رفع من شأن موسى هكذا لم يرض هذا التأويل ووصفه بأنه أسطوري أيضا.
19
وبعد ذلك كله نراه يؤول، صيانة أيضا للتوراة من أن تكون كتاب أساطير كبعض كتب اليونان، يؤول الأشخاص التي جاءت في قصص التوراة، وذلك بأن يجعلها رموزا لبعض حالات النفس، ومن مثل هذا قصة خلق آدم ثم حواء من إحدى أضلاعه، وإغراء الحية لهما، وقتل قابيل لهابيل، كل هذا ونحوه تناوله فيلون بالتأويل المجازي الذي يعتبر الغرض الأخلاقي هو الناحية الأساسية فيه.
20
ويتصل بهذا التأويل النفسي أو الروحي ما ذهب إليه من تأويل أشياء العبادة بجعلها رموزا للحالة الداخلية للنفس، مثلا إن التابوت هو الروح بفضائلها غير القابلة للفساد، وأفكارها التي لا ترى، وأعمالها المرئية المشاهدة ، وآنية صب الشراب موضوعة على المنضدة، هي الروح الكاملة تفتح ذاتها لله، وزنبق الشمعدان هو فصل الأشياء الإنسانية والإلهية، وعلو التابوت هو عظمة الروح التي تضحى وتقدم قربانا، وزيت المصباح هو الحكمة.
21
وأخيرا في تلك الناحية، نكتفي بالقول بأن فيلون يؤول أيضا لغاية أخرى مهمة جدا في رأيه ؛ إذ إنها تعبر عن فكرته الأساسية من استعماله للتأويل المجازي، وهي أن يصير الدين الموسوي دينا عالميا، وهذه الغاية يحول دونها فهم النصوص فهما حرفيا دائما.
Page inconnue