Entre la religion et la philosophie : L'opinion d'Averroès et des philosophes du Moyen Âge
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
ولا ندري كيف يصح هذا من ابن رشد بالنسبة لله تعالى، إنه يصح في الإنسان الذي إن أراد مثلا أن يفعل كذا بعد عام لا بد له من أن يباشر بنفسه ما أراد سابقا فعله، وحينئذ يقال إن حالة جديدة حصلت له.
أما صانع العالم، أي: الله، فقد سبق أن عبر الغزالي عن رأي المتكلمين حين ذهب إلى أن الله أراد أزلا أن يوجد العالم في وقت كذا، وفي هذا الوقت وجد بسبب الإرادة القديمة دون أن تتغير حالة الفاعل - أي: الله - في الحالتين: حالة عدم الفعل وحالة الفعل.
على أن هناك اعتراضا آخر للفلاسفة على حل الغزالي تقدم به حجة الإسلام نفسه، وهو أقوى من اعتراض ابن رشد، ولهذا رضيه تماما، وهو يتلخص في أنه كما يستحيل وجود حادث ومسبب بلا سبب، يستحيل تأخر وجود المسبب عن سببه الكامل شروط الإيجاد والإيجاد، وهنا مثلا كان الله وما يزال موجودا، وإرادته موجودة ونسبتها إلى المراد موجودة وثابتة، فكيف يتأخر وجود العالم عن وجود الله الذي هو علته التامة وسببه الكامل!
49
وهذا ما يذكرنا بما سيقوله البغدادي فيما بعد عن القائلين بقدم العالم؛ إذ يقررون أن الله إذا كان لم يزل موجودا عالما مريدا قادرا، كان لا بد أن يكون العالم موجودا أزلا أيضا، ولا يعقل أن تكون مدة قبل العالم يكون الله فيها عاطلا غير خالق ولا موجد.
50
وقد قلنا آنفا إن ابن رشد رضي تماما ذلك الرد الذي تقدم به الغزالي عن الفلاسفة، إلا أن هذا لم يسلمه، بل أخذ في الإمعان في الجدل، إنه يطالب الفلاسفة ببيان أن استحالة تأخر وجود المفعول عن فاعله الكامل شروط الخلق والإيجاد، أمر معروف بداهة، أو بإقامة الدليل البرهاني عليه إن لم يكن من المعارف الأولى، فإن القائلين بحدوث العالم عن إرادة قديمة أكثر بكثير جدا من الفلاسفة المخالفين.
51
وفي الرد على هذا الجدل يرى ابن رشد بحق أنه ليس من شرط المعرف بنفسه أن يعترف به جميع الناس؛ إذ المراد به أنه مشهور.
52
Page inconnue