Entre le lion africain et le tigre italien : étude analytique historique, psychologique et sociale sur le problème éthiopien italien
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
Genres
أما الجبال الحبشية فكثيرة، ومنها ما يبلغ ارتفاعه 10000 قدم، أو 15000 قدم.
وإذن تكون الجيوش الإيطالية معرضة لمخاطر الجبال، وطول المسافات، وقلة الماء، وعقبات الخنادق الطبيعية التي خددها نهر التاكاز وروافده، وكل هذه العقبات الكبرى تعرقل أي تقدم عسكري في الحبشة وراء عدوة.
ويظهر للخبراء الحربيين الذين يرقبون الحالة في الميادين الحبشية أن الطليان يوجهون جيوشهم إلى طريق ماكال ومجدالا، وقد تقهقروا أمام ماكال، ووقفوا هجومهم،
5
وهذه نفس الطريق التي سلكها لورد ناييبير أوف مجدالا سنة 1868 ضد الإمبراطور ثيودورس. انظر فصل «
طموح مصرإلى فتوح أفريقيا » من هذا الكتاب.
ولكن الأحباش لم تغب عن ذاكرتهم هذه الموقعة، فاستعدوا لاتقاء ما ينسج على منوالها، أو يقاس على غرارها، ولا يلدغ الحبشي من جحر مرتين!
وإذن لا منفذ للطليان في تلك الجبال والوهاد؛ لأن قنن الجبال الشامخة قد تصعد في الجو كناطحات السحاب، بل إنها لتخترق السحب، وتعلو في الجو فوق مناكب الغيوم، وتنخفض انخفاضا مفاجئا إلى أودية سحيقة ذاهبة في جوف الأرض، وليس بين هذا العلو الشامخ وذاك الهبوط السحيق سوى بضعة سهول مختنقة، فكأن هضبة الحبشة أضراس آلة جهنمية تسحق كل من يقع بين فكيها!
وكأن الطبيعة مشفقة على الحبشة من هجوم أخلاف الرومان المتحضرين ومعيدي مجد الإمبراطورية! فلم تكتف بتضريسهم بتلك الأنياب الصخرية، فكست بعض وديانها بنوع من الأتربة الحمراء التي تبدو صلبة جافة، حتى إذا ضغط عليها أقل ضغط (وناهيك بأحذية الجنود، وعجلات السيارات والدبابات والطائرات، وحوافر الخيل) تحولت فورا دقيقا متناهيا في النعومة، فإذا جادها الغيث، ولو كان رذاذا، تحولت معجونا زلقا كالصابون، فيعسر السير فيها حتى ولو كان مشيا على الأقدام، فتضطر الجيوش إلى الوقوف في أماكنها حتى تجمد أعين السماء، وتشرق الشمس فتجف التربة بحرارتها.
وإذا ما غيرت الجيوش الإيطالية خطتها، وحاولت احتلال جبال تانا الشرقية والشمالية، فإنها تعرض مؤخرتها لهجوم العصابات؛ لأن تلك المنطقة الوعرة لا تزال في أيدي عصابات لا تعرف للراحة طعما، ولا تسكت على تغلغل المحاربين الغرباء في مواطنها.
Page inconnue