الفصل الرابع
إذا كان جرح الشرف صعب الشفاء، ومس الكرامة يثبت في الفكر ما دام في الجسم دم شريف، فكيف السبيل لمراضاة ريتا وعفائها عني؟ بعد أن جرحت شرفها جرحا عميقا وعاملتها بالقسوة الجائرة، وقابلت تنازلها بالكبر وسوء التصرف ... ولكن أي ذنب أذنبت إليها إذا اتبعت الجادة الحسنى؟ ونظرت في أمر مستقبلي نظرة الفطن اللبيب، إلا أن هذه ظروف تصغر ذنبي بعينيها ... ولكن لا لا، فإن من الخمول والجبن رفضي طلب حسناء تحسد العذارى خدها الأحمر، وقدها الميال، وتطمح إلى جمالها عيون النساء، والأطفال، والرجال، وإن جبني هذا يجعل بيني وبينها حاجزا حصينا.
وإذا شئت أن أستغفرها، وأطلب عفوها فكيف؟ ومتى؟ فإذا كتبت إليها عرضت نفسي لخطر عظيم؟ وإذا ضربت لها موعدا فربما ترفضه، وإذا زرتها فلا جرم أن لساني يتلعثم عن الكلام، وأن فؤادي يجبن، ولما أن أتعبتني هذه الأفكار المقلقة تركت الأمر للقدر، وفي صباح النهار التالي عاودتني أفكار أمس، وهاجتني حوادثه، فأكمد وجهي وفقد طلاقته، فشعر لامبون بحزني وانقلابي، وسألني عن مسبب أكداري وموجب حزني، فلم أجب، فقال: أظنك عاشقا، فقلت: ربما كان ذلك، قال: ذلك كائن بالفعل، وآخر دواء لذلك هو أن تشرح هواك لحبيبتك، ولكن قل لي - ناشدتك الله: هل حبيبتك عذراء؟ قلت: لا، قال: لا غرو أنها جميلة فتانة؛ لأن كل محب يرى حبيبته كذلك، فقلت: والله يا لامبون، إنها من أجمل مخلوقات ربك:
حرة الوجه والشمائل والجو
هر تكليمها لمن نال غنم
وحديث بمثله تنزل العص
م رخيم يشوب ذلك حلم
سلب القلب دلها ونقي
مثل جيد الغزال يعلوه نظم
ونبيل عبل الروادف كالفو
Page inconnue