فسألتها سؤالا وكأنما أسأل نفسي: وماذا أصنع أنا؟
قالت: اسمع، أنت وراءك مهام كثيرة، وعملك وبلدك في حاجة إلى جهودك كلها. وأنت تضعني في موقف حرج، إني لا أعرف كيف أتصرف ولا أعرف ماذا يجب علي أن أفعله. أنت تقدر موقفي طبعا.
قلت: المشكلة في الحقيقة ماذا أصنع أنا؟ فأنا الذي يحس.
فابتسمت ابتسامة من يقول لا تسمع كلامي، وقالت: حاول أن تنسى.
وبقدر ما أعجبتني ابتسامتها ضايقني ردها، لا لكلماته وإنما للطريقة التي قالته بها. أيقنت أنها خارج المشكلة تماما، وأنها تنصحني كما تسدي النصح لصديق واقع في مشكلة خاصة به.
واهتزت كرامتي، وقضيت ما تبقى من الوقت في وجوم.
ولم يعد هناك كلام يقال، ظللت طوال الوقت أبتسم لأخفي مشاعري وأطيل التحديق فيها علني ألمح في خواطرها - إن لم يكن في ملامحها - ذلك الشيء الذي أبحث عنه.
لم يعد هناك كلام يقال وظللت صامتا، ومع هذا بقيت سانتي وقتا أطول مما تعودت أن تبقاه. وحين طال صمتي وطالت الجلسة حاولت أن تتذكر نكتا وتحكي مفارقات وتضحك لتبدد الوجوم الذي خيم على الحجرة، غير أن كل هذا لم يحرك في ساكنا.
وحين غادرتني، قالت ويدها على الباب ويدها الأخرى ممدودة إلي: أصدقاء؟
وأحسست أن الكلمة خارجة من فم طفلة.
Page inconnue