قلت: ولا يمكنهم إثبات الحكمة لله مع نفيهم الغرض في أفعاله وأحكامه فلا ينفون عنه الظلم ولا الجور ولا غيرهما من القبائح، والعدلية جميعا ومن وافقهم ينفون عنه ذلك كما نفاه عن نفسه في محكم كتابه وعلى ألسنة رسله صلوات الله عليهم وسلامه، والذي يدل على أن مراد المثبتين للتحسين والتقبيح إثبات الحكمة لله في أفعاله من كلام أئمتنا ومن وافقهم في ذلك من سائر العلماء ما نحكيه عنهم بألفاظهم، وعلى أن مراد المخالفين لهم نفي الحكمة عن الله سبحانه عما يقولون ما نحكيه عنهم بألفاظه.
قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين رضوان الله عليه ورحمته في (الأحكام): يجب على من أراد التخلص من الهلكة والدخول في باب النجاة أن يعلم أن الله عز وجل عن كل شأن شأنه عدل في جميع أفعاله، وأنه بريء من مقالة الجاهلين، متقدس عن ظلم المظلومين، بعيد عن القضاء بالفساد للمفسدين، متعال عن الرضا بمعاصي العاصين، بريء من أفعال العباد غير مدخل لعباده في الفساد، ولا مخرج لهم من الخير والرشاد، وكيف يجوز ذلك على حكيم أويكون من صفة رحيم.
وقال في كتاب معرفة الله من العدل والتوحيد: وذلك أنه من فعل شيئا من ذلك أو أراده أورضي به ليس بحكيم ولا رحيم.
وقال السيد الإمام الناطق بالحق عليه السلام: قد قامت الدلالة أنه لا ينهى إلا عما يكره ولا يكره إلا المعاصي بحكمته.
Page 6