فإن هذا البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح يبين ماهية المسألة وفائدتها، ويشير إلى عظيم خطرها وعموم التكليف بها، ويوضح موضع الاتفاق والاجتماع، وموضع الاختلاف ومحل النزاع، ويكشف عن معنى هذين اللفظين بما يرادفهما في المعنيين، ثم يذكر بشطر من البراهين العقلية والنقلية، والأدلة السمعية القاضية بأن المسألة عقلية وسمعية، وأن الحكم بمثل توحيد الله حسن في نفس الأمر من قبل الوحي والارسال، والحكم بخلاف ذلك قبيح في جميع الأحوال لينبه على الاستدلال بأمثال ذلك مما لا يحصى، وعلى أن الحكم بها جلي لا يدق مهمة ولا يخفى، حاكيا من آثار أهل البيت الربانيين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، وسائر العلماء الذين يهتدون بهديهم وعليهم يعتمدون، ومن كلام بعض مخالفيهم الذين سلكوا في المسألة طريق الانصاف، وتجنبوا طريق الزيغ والاعتساف، فأما أهل البيت فهم الشهداء على الناس، وبكلامهم يظهر الحق ويبطل الالباس، وأما سائر العلماء فلأنه كم من معرض عن استماع الحجة إلى أن تعزى إلى بعض أئمته وأهل مقالته، وكم من نافر عن قبول الحق إلى أن يعلمه مذهبا لبعض أسلافه وأهل نحلته، فأردنا بما نقلناه عنهم في ذلك إرداة صحيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الدين النصيحة)).
فصل
فأما الماهية: فقد قال أصحابنا للقبيح حدان:
حقيقي، ورسمي.
فالحقيقي: هو الفعل الذي ليس للقادر عليه المتمكن من الاحتراز منه أن يفعله.
Page 2