Le Héros Conquérant Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genres
في 8 مارس عاد خليل رفعت باشا من القاهرة إلى الإسكندرية، فأبلغه محمد علي أنهم يريدون أن يكرهوه على قبول شروط وقعوها هم. فهو قد صمم على المسير حتى النهاية، فلم يبق لخليل باشا إلا العودة حالا إلى الآستانة. فتبرأ خليل باشا من هذه السياسة ودافع عن الباب العالي واستسمح أن يرسل رشيد بك معاونه إلى إستامبول فسمح له، فسافر يحمل إنذار محمد علي بأنه لا يقبل أقل تعديل بشروطه، وأنه أعطى ابنه إبراهيم السلطة المطلقة للمفاوضة وتوقيع الصلح باسمه إذا أجيبت مطالبه. وحينئذ يعيد جيوشه إلى البلاد التي تعطى له. وإذا لم تجب شروطه وأصروا على اتفاق 21 فبراير، فإبراهيم حر في أن يواصل زحفه وأن يعمل ما يرى عمله بلا قيد ولا شرط تبعا للظروف.
عاد الكبتن أوليفيه رسول الأميرال روسين سفير فرنسا في الآستانة إلى محمد علي ورشيد بك معاون خليل رفعت باشا رسول الباب العالي من الإسكندرية إلى إستامبول، وهما يحملان إنذار محمد علي للباب العالي، ورفض الاتفاق الذي وقعه الأميرال روسين، وتخويل ابنه إبراهيم السلطة المطلقة بأن يوقع الصلح إذا أجيبت جميع مطالبه، أو يواصل الزحف على الآستانة إذا شاء وإذا رفضت تلك المطالب جميعا أو رفض شيء منها. وهذه المطالب هي إعطاؤه سوريا وولاية أدنه.
ولما وصل الرسولان إلى إستامبول في 13 مارس كانت الحالة قد تغيرت تغيرا كليا؛ فالباب العالي لم يطلب من الروس استدعاء أسطولهم، والأميرال روسين صار في حل من تنفيذ اتفاق 21 فبراير، ولكن تحرج الحالة حمل الأميرال روسين على أن يكتب إلى وزير الخارجية يقول: «إذا أرادت فرنسا وأوروبا إنقاذ السلطنة كان فرضا واجبا عليها إيقاف محمد علي ولو بالحرب. ولقد يكون الوقت قد فات؛ لأن إبراهيم سيكون في إستامبول بعد ثمانية أيام، فلا يجد السلطان بدا من أن يعطيه سوريا كلها، ولكن هل تسمح له روسيا بذلك؟!»
أما الباب العالي، فإنه عندما تلقى إنذار محمد علي تملكه الجزع والقلق الشديد، فطلب الوزراء من سفير روسيا بأن يعجل بطلب خمسة آلاف مقاتل لحماية العاصمة، وبأن يستعجل زحف الجنود الروس، ولكن ريس أفندي كان يعرف أن الجنود الروسية لا تصل قبل انقضاء شهر، مع أن إبراهيم يستطيع أن يصل إلى الآستانة في عشرة أيام. فأمام «هذا الخطر الداهم» رأى الباب العالي استشارة السفراء، فقابل ريس أفندي سفير روسيا والجنرال مورافيف، فقال له المسيو بونتيف: «إن من الصعب على الأجنبي بذل النصيحة، فالوزراء الترك هم يعرفون ما لديهم من القوة للمقاومة، أما الأمداد الروسية فإنها تصل متأخرة لأنهم لم يرتضوها عندما عرضت عليهم.» ولما خرج الجنرال والسفير من عند ريس أفندي ذهبا إلى خسرو باشا السر عسكر الذي تظاهر أمامهم بشدة السخط على محمد علي دون الآخرين، وقال إن من رأيه مواصلة الحرب، وإن باستطاعته جمع 25 ألف مقاتل تامي العدة.
ولما سئل سفير فرنسا رأيه قال: «إن إعطاء محمد علي سوريا وأدنه أخف شرا من دخول الروس الآستانة.»
أما سفير إنكلترا فكان قوله «إنه لا يستطيع أن يبدي رأيا رسميا، ولكن إذا كانت لدى الباب العالي قوة للمقاومة فلا ينصحه بالتسليم، وإلا فالأفضل اختيار أهون الشرين؛ وأهونهما إعطاء محمد علي طلباته.»
فأجاب ريس أفندي: إن الباب العالي مستعد أن يعطي حلب ودمشق لمحمد علي، ولكنه لا يستطيع التنازل عن أدنه، فإذا أيده سفيرا فرنسا وإنكلترا في ذلك يصعب على إبراهيم باشا الرفض.
وفي 29 مارس اتفق الأميرال روسين والباب العالي على إرسال المسيو فارين وكيل سفير فرنسا في الآستانة مع رشيد بك مندوب الباب العالي إلى كوتاهيه، للاتفاق مع إبراهيم باشا على إعطاء ولاية سوريا كلها لمحمد علي، وعلى تخفيف الشروط بشأن أدنه جهد ما تصل إليه الطاقة. وحمل الرسولان إلى إبراهيم باشا كتابي الأميرال روسين والمستر ماندفيل بمعنى ما تقدم.
وفي الوقت ذاته أرسلت فرنسا إلى محمد علي المسيو بوالكنت أحد مديري وزارة الخارجية ليقنع محمد علي بالجلاء عن الأناضول. وأصدر اللورد بالمرستون أمره إلى البحرية بتعزيز أسطول البحر المتوسط، وبإرسال هذا الأسطول إلى مياه الإسكندرية. فإذا وصل الأسطول إلى المياه المصرية، ولم يكن الاتفاق بين محمد علي والباب العالي قد تم، فيقدم الأميرال للقنصل كامبل كل المساعدة التي يطلبها. فإذا كان تطور المفاوضات يتطلب اتخاذ الوسائل القاهرة إلى أن يتم الاتفاق، يقطع أميرال الأسطول جميع المواصلات البحرية عن جيش إبراهيم، وإذا هو التقى بالأسطول الفرنساوي يطلعه على هذه التعليمات ويدعوه لمشاركته في حدود التعليمات التي يكون قد تلقاها، وإذا ظهر أسطول روسي أمام الإسكندرية، يعامله الأسطول الإنكليزي معاملة الصديق، ويدعوه للاشتراك معه. ويقول وزير خارجية فرنسا في رسالته عن ذلك إلى الأميرال روسين: «إن الذي دعا إنكلترا لأن تضغط على محمد علي هو خوفها من أن يملك العراق وطرق مواصلات الهند وسواحل سوريا والخليج الفارسي.»
كل هذا لم يخف محمد علي الذي قال لقنصل فرنسا: «إني قد تعلمت من أوروبا الآن أن الخضوع لا يكون لغير القوة.» ولكن تعلمه هذا الدرس جاء متأخرا؛ لأنه لم يشأ سماع نصيحة ابنه إبراهيم ورأيه منذ ستة أشهر مضت.
Page inconnue