Le Héros Conquérant Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genres
يرى محمد علي أن تركيا واصلة حتما إلى أزمة من الأزمات الكبيرة التي يتقرر بها مصير الأمم والدول، والآن يتم الانفصال بين شطرين من السلطة تقضي الحوادث والأنظمة والضرورة والأقدار بفصل أحدهما عن الآخر. وكان بالإمكان تلافي ذلك لولا غفلة السلطان؛ لأن محمد علي كان يود دائما - بالرغم من انفصال أحد الشطرين عن الآخر بالفعل والواقع - أن يظل التابع الخاضع المخلص، ولكن العناية أرادت غير ما أراد، فالآن قد تم تأليف المملكة العربية، والبلاد العربية هي مهبط الوحي، وهي تحتضن الأماكن المقدسة، وفيها مقر الخلافة وتطوقها الجبال من كل جانب كالأسوار، وإذا اضطرت للدفاع عن نفسها أنشأت القلاع والحصون التي سيتضاعف عددها.
واليوم ننتظر أن يرتمي أسطول السلطان وجيشه على أسطول محمد علي وجيشه، فيكون مصير أسطول السلطان وجيشه السحق. فلماذا مواصلة هذا القتال الذي لا فائدة منه؟ وأية أمة أوروبية تجد فيه ربحها؟ فلا هي فرنسا ولا هي إنكلترا ولا النمسا ذاتها. وذلك للأسباب التي يعرفها الجميع ولا يجهلها أحد.
والدولة الوحيدة التي يهمها سقوط السلطنة العثمانية هي الدولة الروسية. ألا يقوم الدليل على ذلك بدفعها الباب العالي بكلتا يديها ضد محمد علي مع إعلان الغضب والسخط عليه؟
فمنذ تملكت الغفلة الباب العالي نراه لا يعمل شيئا إلا بنصيحة روسيا وأوامرها، وروسيا تعرف أن مصر صارت قوة، وأن هذه القوة تؤيد عند الحاجة الباب العالي ضدها. ولكن الجنون تملك الباب العالي فانساق لإرادتها ضد الشطر القوي الحي في السلطنة، ولذلك تريد روسيا أن يمزق بعضنا البعض.
فهل تسمح فرنسا وإنكلترا بأن تحفر السياسة الخادعة هذه الحفرة ليتردى فيها الجهل والغباوة؟
إن عليهما وحدهما وعلى رأيهما ووساطتهما الحيلولة دون فعل الدسائس، فإذا فعلتا كان عملهما خدمة للباب العالي ذاته وللسلام وللإنسانية.
أما محمد علي، وإن كان قد أهين وسب، فهو لا يطلب - والنصر حليفه - إلا ما كان يطلبه قبل القتال، فلا يمتد نظره إلى أبعد من إلحاق سوريا حتى حلب بولاية مصر تحت سيادة السلطان، وعلى شروط موافقة للسلطان كل الموافقة. أما إذا ترك قياد السلطان لصديق ماكر، فقد تكون النتيجة عليه بلايا شديدة.
فهو الآن محتقر مكروه من جميع المسلمين؛ لأنهم يعدونه المخرب والعدو للسلام. أما محمد علي، فهو في نظر الجميع السند للدين والمدافع المخلص عنه، والمؤمنون في جميع أنحاء السلطنة تتجه أنظارهم إليه، وكل جهة ترسل إليه رسلها في طلب المساعدة والعون.
وهل من يشك الآن في أن الانتصار في سهول حلب بفضل عبقرية إبراهيم العسكرية، وبفضل تفوق العرب، وبفضل فوز الأسطول المصري، سوف يحكم بمصير إستامبول؟
فإذا كانت الدولتان الصديقتان تريدان أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فمحمد علي يود إبلاغه ذلك. وعنده أنه لم تبق إلا هذه الوسيلة للحيلولة دون انحلال السلطنة، وهذه الوسيلة هي المتفق عليها بين جميع عقلاء السلطنة؛ لأنها تصون الوحدة التي تساعد على إنقاذ الجميع.
Page inconnue