Le Héros Conquérant Ibrahim

Dawud Barakat d. 1352 AH
135

Le Héros Conquérant Ibrahim

البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢

Genres

ولهذه المناسبة نذكر أن الإسكندريين يعجبون لتسمية الميدان الذي فيه تمثال إبراهيم باشا في القاهرة «ميدان الأوبرا»، مع وجود ذلك الأثر الخطير فيه. وكان يجب أن يسمى «ميدان إبراهيم باشا» كما سمي الميدان الذي فيه تمثال محمد علي باشا في الإسكندرية «ميدان محمد علي» من زمن طويل.

نادرة لطيفة عن إبراهيم باشا في الشام

احتفلت البلاد أمس بذكرى مرور مائة عام لوفاة المغفور له إبراهيم باشا، الرجل الباسل الفاتح الشهير، ونعم ما فعلت، تكريما لرجالها العظام الذين يستحقون كل إكرام قدوة بسائر البلاد المتمدنة. وبهذه المناسبة أذكر للقراء حادثة طريفة تبين سطوة هذا الرجل العظيم في البلدان التي فتحها وهيبته وكرمه.

روى أحد أصدقائي نقلا عن والده من أعيان دمشق وثقاتها الإسرائيليين، أنه لما فتح إبراهيم باشا بلاد الشام كان يوما راكبا جواده متنكرا في ضواحي الشام، فقابل رجلا سائرا على الأقدام واسمه «يوسف الرايق»، هذا الرجل كان من الباعة الذين يسرحون بأقمشة على أكتافهم يطوفون القرى المجاورة يبيعونها للفلاحين أو يستبدلونها بدجاج أو بيض أو بما أشبه ذلك، وكان يومئذ ذاهبا إلى قرية جوير، وهي تبعد عن الشام نحو نصف ساعة، ولما مر به إبراهيم باشا نزل عن جواده وسأله عن مهمته أو سبيله، ثم قال له: ألا تخاف يا رجل أن تذهب وحدك في البرية؟ ألا تخشى اللصوص وقطاع الطريق وأنت بلا سلاح؟ فأجابه على الفور ولم يكن يعرف من الذي يخاطبه: «لا يا أفندى، كيف أخاف وأبو خليل موجود في البلاد!» وافترقا كل في سبيله. وبعد نصف ساعة اعترض فارس آخر يوسف في الطريق وأوقفه عن السير، فخاف هذا وهو يظنه من قطاع الطريق، ولكنه بالعكس كان رسول خير وبيده عشرة جنيهات هدية له من «أبو خليل».

عاد يوسف مسرورا إلى منزله بغنيمته عوضا عن الدجاج والبيض وهو يثني على كرم المهدي ويردد قوله: «الله يطول عمرك يا أبو خليل.»

الدكتور هلال فارحي

ماذا أعدت الأمة والحكومة لمكافاة محيي ذكرى إبراهيم باشا؟

بيننا رجل هو من أفاضل كتابنا ومن أماثل حملة القلم فينا، ومن مفاخر صحافيينا، له في المشاكل السياسية رأي ناضج، وفي المعضلات الوطنية قول صادق، لم تصب الأمة بأزمة أيا كان خطرها إلا وتراه قد طلع على الناس بالقول الصائب والرأي الفاصل والبرهان المنير. تسهر عيناه في البحث والتنقيب وانتزاع الحجج والبرهانات تأييدا لحق الأمة فيما يعرض من أمر وما يتاح من شأن، بينما غيره في سكرة من متع الحياة. ينظر في الآفاق ويرقب الأحداث، حتى إذا لاح له نجم مشرق يتلألأ بذكرى يوم من أيام الأمة المشهودة، بادر إلى تخليده وتذكير الناس بوجوب تمجيده، فتهتز له القلوب وتصغي إليه الأسماع وتميل نحوه الأعناق، فيعود كل امرئ إلى نفسه يرميها بالقصور ويتهمها بالإهمال، ثم يلتفت إلى ذلك الرجل العامل المجد. فماذا يكون نصيبه من الالتفات؟ لم نر له من حظ ولا نصيب على ما قدم لهذه الأمة إلا ابتسامة الاستحسان أو نظرة الإعجاب، ثم لا يلبث أن يتلاشى ذلك الاستحسان وينسى ذلك الإعجاب بين الضحى والعشي. وذلكم الرجل هو الكاتب الباحث المنقب الكبير شيخ الصحافة وإمام الكتاب: الأستاذ داود بركات. وهذا هو حظه من هذه الأمة، وليس هو بالحظ الذي يدل على الكمال والنضوج أو يشير إلى حسن القياس والتقدير؛ لأن الأمة الكاملة الناضجة لا يفوتها أن تقدر العاملين المخلصين ولا تنسيها الأحداث والغير مكافأة المجدين الصالحين.

لنترك مواقف داود البارعة في صفوف العاملين طوال زمن الاحتلال، ولنطو الآن صفحة مكافحته خصوم البلاد، فجريدة الأهرام حافلة من آثاره الخالدة بكل شريف وكريم. ولنلق نظرة سريعة على مشاهده الباهرة منذ قيام هذه الحركة الأخيرة؛ لنتبين منها آثار هذه النفس المتوثبة، وهذه الروح الكبيرة، وهذا العقل الناضج، وهذا القلب النابض بالغيرة والإخلاص، وهذا القلم المعجز الفياض، وما لتلك الآثار من الفضل الكبير على هذه الأمة الغافلة.

قامت الحركة الأخيرة منذ اثنتي عشرة سنة، وحضر إلى مصر مستر شيرول مستطلعا طلع الأمر فيها محاولا تصوير الحالة في الصورة التي يراها في مصلحة أمته، فصمد له داود وأخذ يناقشه مناقشة العالم بأسرار السياسة البريطانية واتجاهاتها، وأخذ يناظره مناظرة الكاتب الوطني الغيور. وما زال ينجد معه ويهتم ويقف به على أسباب الداء ويرشده إلى حقيقة الدواء بالحجة القاطعة والبرهان المبين. وهل من دواء إلا أن يترك الإنكليز البلاد لأهلها وأن تستقل بنفسها لنفسها؟! هكذا كان اتجاه داود ومطلبه، فماذا صنعت له الأمة وبماذا كافأته؟!

Page inconnue