ولعلمي أنه خجول ومن الصعب عليه أن يطلب مني شيئا إن كان يريد، عدت ألح وأسأله عما يريد، وإذا به ينفي بشدة أنه في حاجة إلى شيء، وسألته إن كان يريد من عائلته ملابس فقال: سلم لي عليهم. - بس؟ - بس. - مش عايز فلوس، هدوم، أي حاجة؟ - أبدا أبدا.
وازداد عجبي، ومضى وهو يقول: اسكت! مش امبارح الله يخرب بيوتهم ضربوا المعسكر بتاعنا؟!
وكان يقولها ببساطة دفعتني لأن أسأله بنفس البساطة: وعملت إيه؟ مت؟
وضج التليفون بضحكته وقال: أبدا، خمناهم؛ قبل ما يضربوا المعسكر سيبناه، وعلى فكرة حصلت حاجة هايلة دلوقت.
وإذا كان لبعض الناس كلمات مختارة، ف «هايلة» كانت كلمة أحمد عمر المفضلة، كل شيء يحكي عنه لا بد أنه هايل! وعدت ألح وأستدرجه، وأنا متأكد أنه لا بد قد طلبني لأنه يريد شيئا، ولكنه قهقه وقال: أبدا، عاوز حضرتك كويس. كويسة دي؟ بس على فكرة حصلت حاجة هايلة خالص. - إيه؟ حصل إيه؟
فقال: مش وقعت طيارة؟
فقلت: إيه؟ طيارة ورق؟
فقال: لأ، بجد، طيارة فرنساوي، كانت فايتة قدامنا، قلت للقائد: أضرب يا فندم؟ رحت ضارب؛ قام جناحها انكسر ومالت ووطت، فالقائد زعق وقال لي: خلص عليها يا أحمد، خلص عليها! خلصت عليها وتصور .. تصور وقعت.
واستمر يضحك ويقول: سلم لي على محمد، لما ييجي قول له: إن أحمد وقع طيارة .. أنا عارف إن هو مش ح يصدق زي عوايده، إنما والله العظيم وقعتها أهه .. محروقة في الرملة هناك، أضرب لك طلقة؟
وأخذت أضحك أنا الآخر؛ فأيامها كانت مودة أن يقول كل واحد إنه أسقط طائرة، فما بالك وأحمد يخبرني بنفس اللهجة، التي كان يعلق بها أحيانا على أشكال بنات الجيران، يخبرني أنه أسقط طائرة!
Page inconnue