265

المقدمات الأساسية في علوم القرآن

المقدمات الأساسية في علوم القرآن

Maison d'édition

مركز البحوث الإسلامية ليدز

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

بريطانيا

Genres

ففي هذا زيادة على ما تقدّم ذكره في هذه المقدّمة تؤكّد أنّ رفع الآية بعد إنزالها كان أمرا معلوما على عهد التّنزيل، وأنّه يقع لرسول الله ﷺ.
وأمّا المعنى في هذه الآية، فكما قال ابن جرير: «إنّه جلّ ثناؤه لم يخبر أنّه لا يذهب بشيء منه، وإنّما أخبر أنّه لو شاء لذهب بجميعه، فلم يذهب به والحمد لله، بل إنّما ذهب بما لا حاجة بهم إليه منه، وذلك أنّ ما نسخ منه فلا حاجة بالعباد إليه، وقد قال الله تعالى ذكره: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ٦ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ، فأخبر أنّه ينسي نبيّه منه ما شاء، فالّذي ذهب منه الّذي استثناه الله» (١).
الشّبهة الثّالثة: قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ٩ [الحجر: ٩]، قالت طائفة: لم ينزل على النّبيّ ﷺ قرآن إلّا ما بين اللّوحين؛ لهذه الآية،
فأنكروا منسوخ التّلاوة.
وأقول: إنّما يصحّ هذا لو ادّعى أحد النّسخ بغير ما أنزل الله، أو جوّزه بعد عهد التّنزيل، ولا يقول بهذا أحد، والله تعالى قد حفظ القرآن من أن يرد عليه تبديل أو تغيير حتّى من جهة نبيه ﷺ، أمّا هو سبحانه فإنّه يفعل ما يشاء، كما قال: قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ [يونس: ١٥].

(١) تفسير ابن جرير (١/ ٤٧٩).

1 / 275