131

بصائر في الفتن

بصائر في الفتن

Maison d'édition

الدار العالمية للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Lieu d'édition

الإسكندرية - مصر

Genres

وعن أبي هريرة ﵁ قال رسول الله ﷺ: "لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموتَ، ولا يَدْع به مِن قبل أن يأتيَه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عملُه، وإنه لا يزيد المؤمنَ عمرُه إلا خيرًا" (١).
وعند البخاريّ: "لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموتَ: إما محسنًا فلعله أن يزدادَ خيرًا، وإما مسيئًا فلعله أن يَسْتَعْتِبَ (٢) " (٣).
فإن قيل: كيف- مع هذا- تمنى يوسف ﵇ الموتَ في قوله: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١] وكذا قالت مريم- ﵍: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٣]؟
أجاب القرطبي -رحمه الله تعالى- في "تفسيره" إذ قال: "فكيف يقال: إن يوسف تمنى الموت والخروج من الدنيا وقطع العمل؟ هذا بعيد! إلا أن يقال: إن ذلك كان جائزًا في شرعه، وإما أنه يجوز تمني الموت والدعاء به عند ظهور الفتن وغلبتها، وخوف ذهاب الدين" (٤).
وقال- في "التذكرة": (قال الله تعالى مخبرًا عن يوسف ﵇: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١]

(١) رواه مسلم (٤/ ٢٠٦٥) رقم (٢٦٨٢).
(٢) الاستعتاب: طلب العُتْبَى، وهو الرضا، وذلك لا يحصل إلا بالتوبة والرجوع عن الذنوب.
قال الجوهري: "استعتب: طلب أن يُعْتَب؛ يقول: استعتبته فأعتبني؛ أي: استرضيته فأرضاني". اهـ. من "الصحاح" له (١/ ١٧٦).
وفي التنزيل في حق الكافرين: ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ [فصلت: ٢٤].
(٣) رواه البخاريّ (٥/ ٢١٤٧) رقم (٢٦٨٠)، (٦/ ٢٦٤٤) رقم (٦٨٠٨).
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" (٩/ ٢٦٩).

1 / 131