وبمرور الزمن، نحو ألف أو عشرة آلاف سنة، تظهر النتائج الحسنة لهاتين الخطتين، السلبية والإيجابية، بحيث يظهر جيل يخلو من العيوب الوراثية في الجسم والعقل، كما أن الصفات الحسنة يتأكد ويكثر وجودها في الأفراد لتشجيع الأصحاء على التناسل.
وواضح أن الفكرة موحاة من نظرية داروين، ولم تجد هذه الجمعية التأييد من العلميين، وإن وجدت من الحكومات اتجاها نحو تعاليمها، وأعظم ما صد العلميين عنها أنها جعلت الارتقاء موقوفا على الوراثة، وكأن الوسط لا قيمة له في ترقية الأفراد، فهي داروينية أكثر مما هي لاماركية.
وقد صد عنها برنارد شو لهذا السبب.
ولكنه مع ذلك في مسرحيته «الإنسان والسبرمان» يهدف إلى إيجاد نوع جديد من البشر له خصائص عالية في الصحة والذكاء والتعمير، وهو يومئ إلى الطريق للوصول إلى هذا الهدف، ولكنه لا يفصل ولا يوضح.
والذي لا شك فيه أن الوسط يغير الأحياء بتغيره، فبقرة البحر الميرميد التي تكثر في البحر الأحمر، كانت قبل نحو 30 أو 40 مليون سنة بقرة سوية تسير على اليابسة وترعى الأعشاب، ثم وجدت من الظروف ما حملها على أن تأكل أعشاب البحر التي تطرحها الأمواج على الشاطئ، ثم تدربت على البقاء في الماء والسباحة فيه، والسباحة تقتضي الاستغناء عن الساقين مع بقاء الذراعين وحالتهما إلى زعنفتين حتى تتخذ شكل السمكة.
وهذا هو ما حدث للميرميد التي لم يبق من ساقيها غير نحو ثلاثة سنتيمترات تتصل بعمودها الفقري.
ولكن ما هي عبرة الميرميد؟
هي أنها تدربت على السباحة، أي اعتادت وسطا جديدا.
ثم تغير جسمها بالعادة الجديدة، وهي تركها لليابسة ونزولها في الماء.
وأخيرا أصبحت العادة المكتسبة وراثية.
Page inconnue