لقد فعل ذلك أيضا غاندي، وبقي «أعزب» مع زوجته نحو عشرين أو ثلاثين سنة قبل وفاته.
وربما نحتاج هنا إلى سؤال سيكلوجي: هل سلك برنارد شو هذا السلوك قسرا أم عفوا؟ أي هل كان يمنع نفسه أم كان يمتنع بلا منع؟
وجوابي أنه كان يفعل ذلك عفوا بلا أدنى إحساس بالقهر والقسر؛ ذلك أنه بعد اقتناعه بضرورة قصر مجهوده على الفن والثقافة، وجد عزوفا طبيعيا عن الاشتهاء الجنسي؛ أي إن استنكاره لهذا الاشتهاء، من حيث إنه يؤخر مجهوده الفني الثقافي، قد أصبح «طبيعيا»، وموقفه هنا يشبه موقف رجل آخر عرفته أنا، فقد مات ابنه وحزن عليه حزنا محرقا، وأحس في أعماقه أن حقه في ملذات الدنيا قد سقط بعد هذه النكبة، فذهب عنه الاشتهاء الجنسي تماما، وذهب عفوا بلا أدنى قسر.
وهنا سؤال: هل كان برنارد شو وزوجته سعيدين بزواجهما؟ والجواب أن الذي نستطيع أن نقطع به أنهما كانا سعيدين بزواجهما على الرغم من هذا «الشذوذ»؛ وذلك لأن الحب أخذ مكان الاشتهاء عندهما، وبين الاثنين ما يقارب المضادة، إذ عندما يزيد الاشتهاء ينقص الحب، ثم العكس؛ لأن الحب حنان أما الاشتهاء فعدوان.
والحنان - أي حنان الحب - يحتاج إلى شخصية نعرفها ونأتنس إلى لغتها وأخلاقها وتاريخها، أما الاشتهاء فيمكن أن نحسه نحو أي شخص لمفاتنه الجنسية فقط حتى ولو كنا نجهل لغته واسمه.
وقد يصل أحيانا عدوان الشهوة إلى الاغتصاب، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث في الحب.
وقد كانت شارلوت سعيدة بأن تعيش إلى جنب عبقرية فذة وإنسان منذور للإنسانية، كما كان برنارد شو سعيدا بأن يعيش مع امرأة تتيح له التسامي بالغريزة الجنسية إلى آفاق الثقافة والفن بحيث يستطيع أن يحس أنه جزء من القصد العام في التطور البشري.
ولكن الذي يجب أن نؤكده هنا أن مثل هذا الزواج الذي يجحد الحيوان في الإنسان لا يمكن أن يتم، مع سعادة العيش، إلا بين اثنين يرتفعان إلى المستويات العليا من الحياة، وهذا نادر في عصرنا، بل في كل عصر.
الاشتراكية مذهب شو
مذهب برنارد شو في السياسة والمجتمع هو الاشتراكية.
Page inconnue