35

Bariqa Mahmudiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Maison d'édition

مطبعة الحلبي

Numéro d'édition

بدون طبعة

Année de publication

١٣٤٨هـ

الِاتِّقَاءُ مِنْ الشِّرْكِ لِأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مِنْ شَأْنِهِ الْتِزَامُ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ قِيلَ الْمُتَّقُونَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ فَهِدَايَتُهُمْ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ وَأُجِيبَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا حَصَلَ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَتَخْصِيصُ الْهُدَى بِالْمُتَّقِينَ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ وَتَسْمِيَةِ الْمَشَارِفِ لِلتَّقْوَى مُتَّقِيًا إيجَازًا وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ وَجْهُ الِاعْتِصَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ إمَّا بِاعْتِبَارِ مَضْمُونِ الْهِدَايَةِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَإِنَّهُ يُوصِلُهُ إلَى مَقْصُودِهِ أَعْنِي الْآخِرَةَ الَّتِي عُرِفَ قَدْرُ شَرَفِهَا فِي الدِّيبَاجَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قَصْرِ الْفَلَاحِ عَلَيْهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤] وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي آلِ عِمْرَانَ ﴿وَاعْتَصِمُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣] أَيْ تَمَسَّكُوا ﴿بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠٣] أَيْ بِكِتَابِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْقُرْآنُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ» . قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ اسْتَعَارَ لَهُ الْحَبْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّمَسُّكَ بِهِ سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنْ الرَّدَى كَمَا أَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْحَبْلِ سَبَبُ السَّلَامَةِ مِنْ التَّرَدِّي وَاسْتَعَارَ لِلْوُثُوقِ بِهِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ الِاعْتِصَامُ تَرْشِيحًا لِلْمَجَازِ ﴿جَمِيعًا﴾ [آل عمران: ١٠٣] أَيْ مُجْتَمِعِينَ عَلَيْهِ ﴿وَلا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣] الْأَنْسَبُ لَا تَبَاعَدُوا عَنْ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا فِي الْمَائِدَةِ ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ [المائدة: ١٥] إسْلَامٌ أَوْ مُحَمَّدٍ ﴿وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: ١٥] أَيْ مُبِينٌ وَمُمَيِّزٌ كُلَّ خَطَأٍ عَنْ صَوَابٍ ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ﴾ [المائدة: ١٦] أَيْ بِالْكِتَابِ وَقِيلَ أَيْ بِالنُّورِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ [المائدة: ١٦] . مَفْعُولَ يَهْدِي ﴿سُبُلَ السَّلامِ﴾ [المائدة: ١٦] مَفْعُولَهُ الثَّانِي أَيْ طُرُقَ السَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ بُؤْسٍ وَمِحْنَةٍ فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ إلَى تَعَلُّقِ الْمَقَامِ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ لَازِمٌ مُوصِلٌ إلَى السَّلَامَةِ وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ كَذَا فَالِاعْتِصَامُ لَازِمٌ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْفِعْلِ فَيَلْزَمُ وُجُودُ تَبَعِيَّةِ الرِّضْوَانِ قَبْلَ هِدَايَةِ الْقُرْآنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقُرْآنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ قَبْلَهُ وَلَوْ فُرِضَ وُجُودُ تَبَعِيَّةِ الرِّضْوَانِيَّةِ فَهِيَ كَافِيَةٌ فِي السَّلَامَةِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ هِدَايَةِ الْقُرْآنِ هُوَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى فَيَلْزَمُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْقُرْآنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ [المائدة: ١٦] أَيْ مَنْ يُرِيدُ تَبَعِيَّةَ رِضْوَانِهِ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَعْنَى كُلَّ مَنْ يُرِيدُ تَبَعِيَّةَ الرِّضْوَانِ فَيَتَمَسَّكُ بِالْقُرْآنِ وَكُلُّ مُتَمَسِّكٍ بِهِ فَيَهْدِيهِ إلَى طُرُقِ السَّلَامِ فَافْهَمْ

1 / 35