Bariqa Mahmudiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Maison d'édition
مطبعة الحلبي
Numéro d'édition
بدون طبعة
Année de publication
١٣٤٨هـ
أَهْلَ اللِّسَانِ يَفْهَمُ مِنْهُ التَّرَقِّي عَلَى عِيسَى ﵊ وَالْجَوَابُ عَنْ الْكُلِّ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ (الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ اللَّهِ) تَعَالَى يَسْتَغْرِقُونَ بِعِبَادَتِهِ عَلَى حَسَبِ مَرَاتِبِهِمْ لَا أَبْنَاؤُهُ كَمَا زَعَمَ الْكَفَرَةُ (مُكَرَّمُونَ) لِأَنَّهُمْ كِرَامٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ﷿ (وَلَا يَسْبِقُونَهُ) تَعَالَى (بِالْقَوْلِ) يَعْنِي لَا يَتَجَاوَزُونَ أَمْرَهُ فَقَوْلُهُ (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) كَالتَّفْسِيرِ لَهُ وَيَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ إذْ مَفْهُومُ كُلٍّ يُؤَكِّدُ مَنْطُوقَ الْآخَرِ وَبِالْعَكْسِ (وَلَا يُوصَفُونَ بِمَعْصِيَةٍ) كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ كَالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ فِي الشِّفَاءِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ حُكْمَ مُرْسَلِيهِمْ حُكْمُ النَّبِيِّينَ فِي الْعِصْمَةِ.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ مُرْسَلِيهِمْ فَقِيلَ: بِعِصْمَتِهِمْ جَمِيعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى - ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم: ٦]- ﴿وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٦]- و﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس: ١٦] وَقِيلَ: بِجَوَازِ ذَلِكَ وَالصَّوَابُ عِصْمَةُ الْجَمِيعِ فَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ مِنْ تَرْجِيحِ كَوْنِ إبْلِيسَ مِنْ الْمَلَكِ وَمَا فِي بَحْرِ النَّسَفِيِّ مِنْ أَنَّهُ فِي الْمَلَائِكَةِ كَافِرٌ مُعَذَّبٌ كَإِبْلِيسَ وَعَاصٍ غَيْرُ كَافِرٍ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ خِلَافُ الصَّوَابِ.
قَالَ الدَّوَانِيُّ الْأَكْثَرُ أَنَّ إبْلِيسَ لَيْسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى - ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠]- وَأَسَانِيدُ قِصَّةِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ لَيْسَتْ بِمَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.
وَقَالَ فِي الشِّفَاءِ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ لَا صَحِيحٌ وَلَا سَقِيمٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَا أَمْرٌ يُعْلَمُ بِالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ كُتُبِ الْيَهُودِ وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ وَالتَّعْذِيبُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاتَبَةِ كَالْأَنْبِيَاءِ عَلَى السَّهْوِ وَتَعْلِيمِ السِّحْرِ لَيْسَ بِكُفْرٍ كَاعْتِقَادِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَهُوَ تَفْرِيقُ مُعْجِزَةِ النَّبِيِّ عَنْ سِحْرِ الْمُتَنَبِّي لِشُيُوعِ السِّحْرِ بَيْنَهُمْ، فَقِصَّةُ الزُّهْرَةِ مَعَ كَوْنِهَا مُحَالًا فِي الْعَقْلِ مَأْخُوذَةٌ عَنْ الْيَهُودِ (وَلَا بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ) إذْ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ نَقْلٌ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ عَقْلٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مُقَدِّمَةِ كُلِّ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ يَجِبُ نَفْيُهُ وَهَذَا وَإِنْ جَائِزًا فِي فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ لَكِنْ.
قَالَ فِي الْمَوَاقِفِ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ وَأَنَّ عَدَمَ الدَّلِيلِ سَمْعًا وَعَقْلًا كَمَا يَجْرِي فِي جَانِبِ النَّفْيِ يَجْرِي فِي جَانِبِ إثْبَاتِهِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ مِنْ عَالَمِ الْأَمْرِ وَالتَّكْوِينِ لَا مِنْ عَالَمِ الْخَلْقِ وَالتَّوْلِيدِ (وَلَا) يُوصَفُونَ (بِأَكْلٍ وَلَا بِشُرْبٍ وَلَوَازِمِهِمَا) مِنْ الْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ وَالْمُخَاطِ وَالرِّيحِ وَنَحْوِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بَلْ السَّقَمِ.
1 / 202