176

Bariqa Mahmudiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Maison d'édition

مطبعة الحلبي

Numéro d'édition

بدون طبعة

Année de publication

١٣٤٨هـ

﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥١]- وَالْمُرَادُ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ وَمَحَلُّ الْمِيزَانِ وَكَذَا الْحِسَابُ. قَالَ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ عَلَى الصِّرَاطِ بِشَهَادَةِ ظَوَاهِرِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ هُوَ الْعَرَصَاتُ قَبْلَ السَّوْقِ إلَى الصِّرَاطِ، وَزَمَانُهُ قِيلَ: قَبْلَ قِرَاءَةِ الْكُتُبِ بِإِشَارَةِ بَعْضِ الْأَخْبَارِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ التَّعَيُّنِ. (وَالْكِتَابُ) الَّذِي كَتَبَهُ الْحَفَظَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ الطَّاعَاتِ وَالْعِصْيَانِ يُؤْتَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَيْمَانِهِمْ وَلِلْكُفَّارِ بِشَمَائِلِهِمْ وَوَرَاءِ ظُهُورِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ [الإسراء: ١٣] ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ [الحاقة: ١٩]- الْآيَةُ وَكَيْفِيَّةُ كِتَابَةِ الْحَفَظَةِ عَنْ الضَّحَّاكِ لِكُلِّ يَوْمٍ يَنْزِلُ مَلَكَانِ مَعَ صَحِيفَتَيْنِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ لِسَانُكَ قَلَمُهُمَا وَرِيقُكَ مِدَادُهُمَا وَبَدَنُك كِتَابُهُمَا. قَالَ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَانِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَانِ بِالنَّهَارِ وَيَنْزِلُ مَلَكُ النَّهَارِ وَيَذْهَبُ مَلَكُ اللَّيْلِ فَإِنْ قِيلَ: الْمُؤْمِنُ الْفَاسِقُ كَيْفَ يُعْطَى كِتَابُهُ قُلْنَا: الْمَشْهُورُ بِجَانِبِ الْيَمِينِ وَقِيلَ: بِالشِّمَالِ وَقِيلَ: بِالتَّوَقُّفِ وَقِيلَ: الْفَاسِقُ بِالشِّمَالِ وَالْكَافِرُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. (وَالسُّؤَالُ) لَا سُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ حَتَّى يُتَوَهَّمَ التَّكْرَارُ بَلْ سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقِيَامَةِ حِينَ الْحِسَابِ قِيلَ: اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ هَذَا السُّؤَالِ أَيْ الْحِسَابِ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَحَدِهَا بِعِلْمِهِمْ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ عُلُومًا ضَرُورِيَّةً بِمَقَادِيرِ أَعْمَالِهِمْ ثَوَابًا وَعِقَابًا وَثَانِيهَا بِإِيتَاءِ كُتُبِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَثَالِثِهَا بِأَنْ يُكَلِّمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ أَعْمَالِهِمْ وَمَا لَهَا مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ نُقِلَ عَنْ الْفَخْرِ أَيْضًا إمَّا بِأَنْ يُسْمِعَهُمْ كَلَامَهُ الْقَدِيمَ أَوْ يُسْمِعَ عِبَادَهُ صَوْتًا يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي بَحْرِ النَّسَفِيِّ لَيْسَ لِلْأَنْبِيَاءِ حِسَابٌ وَلَا عَذَابُ الْقَبْرِ وَلَا سُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَكَذَلِكَ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ يَعْنِي حِسَابَ الْمُنَاقَشَةِ الَّذِي بِطَرِيقِ لِمَ فَعَلْت كَذَا وَأَمَّا حِسَابُ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ فَعَلْتَ كَذَا وَعَفَوْتُ عَنْك فَثَابِتٌ لَهُمْ لَعَلَّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَهُمْ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ كَمَا يُشِيرُ إلَى قَوْله تَعَالَى - ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ [المؤمنون: ١٠٢]- ﴿فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٥] . (وَالْحَوْضُ) جِسْمٌ مَخْصُوصٌ طُولُهُ وَعَرْضُهُ سَوَاءٌ يَصُبُّ فِيهِ مِيزَابَانِ فِي الْجَنَّةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ اللَّقَانِيِّ. وَفِي الْمُنَاوِيِّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضٌ إلَّا صَالِحًا ﵊ فَإِنَّ حَوْضَهُ ضَرْعُ نَاقَتِهِ قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ يَشْهَدُ فَهَذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِنَبِيِّنَا ﷺ وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْكَوْثَرِ الَّذِي يُصَبُّ مِنْ مَائِهِ فِي حَوْضِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَقَوْلِهِ ﷺ «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ أَكْثَرُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا» فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُشْرَبَ بَعْدَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِعَدَمِ الظَّمَأِ وَالْعَطَشِ بَعْدَ

1 / 176