وجاء هارون من غرفة النوم على صوت ابنه وأمه: قل الحقيقة. - ماذا أقول يا أبي؟ - الحقيقة.
وقالها بعد أن فكر أنه إن لم يقل هو الحقيقة فسيقولها الدكتور أمجد. قالها وهو خزيان وكأنه هو الذي ضبط.
وكان رد الفعل عند أمه صمتا متألما ودمعات غزيرة، أما هارون فكان شأنه عجبا؛ لقد قعد بعد أن كان واقفا وراح يضحك في قهقهة، ثم قال وهو يضحك: وأين هو الآن؟ ألا تعرف؟ - رفض أن يعود معي إلى البيت، ولا أدري أين ذهب.
وقالت حميدة: هل هذا معقول؟! ألا يأتي لنطمئن عليه على الأقل؟
وقال فائق: قال لي طمئن أمي، ورفض أن يقول لي أين سيذهب.
وقال هارون ضاحكا: وأين تظنانه سيذهب؟ هيا لننام.
وصرخت حميدة وهي تدق صدرها: أنام؟! أنام وأنا لا أعرف أين ابني وما حالته؟ شهاب يختشي من ظله، ربنا أعلم بحاله الآن.
وضحك هارون وهو يقول: لقد أثبت أنه لا يختشي ولا يحزنون. قومي نامي فقد اطمأننا عليه. - أبدا لا يمكن أنام. - إذن أنام أنا، وأنت يا فائق ألا تنام؟ - أنا سأبقى مع ماما. - أنت حر.
وعاد هارون إلى غرفة نومه. •••
دق جرس التليفون في بيت هارون، وانتفضت إليه حميدة واختطفت السماعة: أهلا يا حاج، خيرا؟
Page inconnue