ومن فوائد الابتلاء: تمحيص الذنوب والسيئات، وبلوغ الدرجات العلية في الجنات [وأعلا من ذلك كله: حصول رضى الله العظيم، الذي هو أفضل من الجنة] ونعيمها المقيم.
ومنها: معرفة قدر العافية لمن غفل عن إحصاء ذلك وعده، لأن الشيء لا يعرف إلا بضده، فيحصل بذلك الشكر الموجب للمزيد من النعم، لأن ما وسع الله بالعافية وأنعم، أكثر وأعظم، مما ابتلى وأسقم.
[و] روي أنه كان في زمن حاتم الأصم رجل يقال له: معاذ الكبير، أصابته مصيبة، فجزع منها، وأمر بإحضار النائحات، وكسر الأواني. فسمع حاتم فذهب إلى تعزيته مع تلاميذه، وأمر تلميذا له، فقال: إذا جلست فاسألني عن قوله [تبارك و]تعالى: {إن الإنسان لربه لكنود} فسأله فقال: ليس هذا موضع السؤال. فسأله ثانيا وثالثا. فقال: معناه: أن الإنسان لكفور، عداد للمصائب، نساء للنعم، مثل معاذ هذا، إن الله [تعالى] متعه بالنعم خمسين سنة، فلم يجمع الناس عليها شاكرا لله عز وجل، فلما أصابته [مصيبة] جمع الناس يشكو من الله تعالى. فقال معاذ: بلى إن معاذا لكنود، [و]عداد للمصائب نساء للنعم، فأمر بإخراج النائحات، وتاب عن ذلك.
Page 114