ومات لأبي الأحوص ابن صغير، فأتاه سفيان وزائدة يعزيانه. فكان فيما قال له سفيان: بعد ما عزاه أن قال: إنه سبحانه أنعم عليك به -يعني: الولد- أن وهبه ما شاء أن يهب، ثم أنعم عليك أن قبضه إليه [فكان مذخورا لك عنده، فلا تعد نعمته عليك مصيبة]، فكأنك قد لحقت به، فسرك تقدمه إياك.
وروى الحاكم أبو عبد الله عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن: سمعت محمد بن عيسى الزاهد يقول: ((فيما بلغنا أن عبد [الرحمن] بن مهدي رحمه الله، مات ابن له فجزع عليه جزعا شديدا، حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، فكتب إليه:
أما بعد: فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من [فعل] غيرك، واعلم أن أمضى المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر)).
وفي غير رواية الحاكم: ((فتناول حظك يا أخي إذا قرب منك، قبل أن تطلبه، وقد بعد عنك ألهمك الله عند المصائب صبرا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرا)).
وفي رواية الحاكم: وأقول:
Page 108