وهي مخلوقة للذهاب والأفول، وكل ما فيها يتغير ويحول، ويضمحل ويفنى ويزول، لأنها إلى الآخرة طريق، وهي مزرعة للآخرة على التحقيق.
روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كان لسليمان بن داود عليهما السلام ولدا يجد به وجدا شديدا، فمات الغلام، فحزن عليه حزنا شديدا، ورؤي ذلك في قضائه ومجلسه، فبعث الله [تعالى] إليه ملكين في هيئة البشر. فقال: ما أنتما؟ فقالا: خصمان. قال: اجلسا بمجلس الخصوم. فقال أحدهما: إني زرعت زرعا فأتى [هذا] فأفسده. قال سليمان عليه السلام: ما يقول هذا قال: أصلحك الله، إنه زرع في الطريق، وإني مررت [به] فنظرت يمينا فإذا الزرع، ونظرت شمالا فإذا الزرع، ونظرت قارعة الطريق فإذا الزرع، فركبت قارعة الطريق، فكان في ذلك فساد زرعه، فقال سليمان [عليه السلام]: ما حملك على أن تزرع بالطريق، أما علمت أن الطريق سبيل الناس، ولا بد للناس [من] أن يسلكوا سبيلهم؟ [فقال له أحد الملكين: أوما علمت يا سليمان أن الموت سبيل الناس، فلا بد للناس من أن يسلكوا سبيلهم] قال: فكأنما كشف عن سليمان الغطاء.
Page 103