وروي أن عبد الله بن شوذب البخلي، كان له ابن و[كان] قد قارب الحلم، فأرسل إلى قومه فقال: ادعوا وتؤمنون على دعائي. قالوا: نعم، فدعا الله جل ثناؤه أن يقبض ابنه ذلك، وليس له غيره، فأمن القوم، ثم قالوا: يا أبا فلان، ما حملك على هذا، وليس لك ولد غيره. قال: إني رأيت كأن الناس قد حشروا ليوم القيامة، فأصاب الناس حر شديد، وعطش شديد، فإذا الولدان قد خرجوا من الجنة، ومعهم الأباريق والكؤوس فيها الشراب، فأبصرت ابن أخ لي، فقلت له: يا فلان اسق عمك. فقال: يا عم إنا لا نسقي إلا آباءنا والأمهات. قال: فأحببت أن يجعله الله [لي] فرطا. قال: فلما لبث الغلام أن مات)).
وقال محمد بن خلف -المعروف بوكيع- كان لإبراهيم الحربي ابن، وكان له إحدى عشرة سنة، قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا، قال: فمات. قال: فجئت أعزيه. فقال لي: كنت أشتهي موت ابني هذا. قال: قلت: يا أبا إسحق، أنت عالم الدنيا تقول مثل هذا في صبي قد أنجب وحفظ القرآن ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم، رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيدهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس يسقونهم، وكان اليوم [يوما] حارا، شديدا حره. قال: فقلت لأحدهم: اسقني من هذا الماء [قال] فنظر إلي، وقال: ليس أنت أبي. فقلت: فأيش أنتم؟ قال: فقال: نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا، وخلفنا آباءنا، نستقبلهم، فنسقيهم الماء. قال: فلهذا تمنيت موته)).
Page 80