Le Reste du Temps est une Heure
الباقي من الزمن ساعة
Genres
فقال أمين: معذرة، لا أستطيع أن أنسى الخلاص من النظام الملكي، الإصلاح الزراعي، تمصير الاقتصاد، والتأميم، التعليم المجاني، مكاسب العمال والفلاحين، فلا الهزيمة ولا الفساد ولا الاستبداد سينسيني ذلك!
رغم ذلك لم يعد حماسه بالحماس الذي كان لكنه كان شيئا ما بخلاف أخيه علي؛ علي خسر كل شيء وخسر نفسه أيضا. طحنته الخيبة، جفت ينابيع أحلامه، حدس طنين العداوة حتى في الخلوات وفي الليالي القمرية. وكما صمم قديما ألا يقتني قطة عقب فجيعته بموت قطة محبوبة فقد عاهد الله على تجنب المذاهب والزعامات عقب الهزيمة مصمما على الرفض وحده. وحزنت منيرة على حاله فسألته مرة: ماذا تحلم عن المستقبل؟
فقال بعصبية: ليتني أجد عملا في بلد أفضل!
فسألته بعتاب: وتهجر وطنك؟
فقال بوضوح وتأكيد: في ألف داهية!
فقالت محتجة: ليس في أسرتنا تفكير من هذا النوع!
فقال ساخرا : لنا في السجن عم وزوجة أب!
وفي تلك الأيام توفي الأستاذ حسن علما آخر أزواج ميرفت هانم. اشترك علي في تشييع جنازته وخياله يحوم حول أرملته. خفق قلبه المحروم ونشط خياله الذي لم تبرحه المرأة مذ غزته في بيت خاله. وتبلورت وراء إرادته اندفاعة متربصة مغامرة. ولأنه يعيش تحت مظلة من الاستهتار فقد اكتسب سلوكه جرأة غير معهودة. راح يعد الأيام حتى وافى يوم الأربعين، ثم سافر يوم الجمعة التالي إلى حلوان مساء اتقاء للأعين. ودق جرس الشقة التي اتخذ جده حامد برهان منها عشا لعشقه وزواجه. وعرفته ميرفت هانم من أول نظرة في بنطلونه الأزرق وقميصه الأبيض المفتوح الطاقة لاستقبال نسمات الربيع. دهشت ولكنها رحبت به قائلة: أهلا!
فتبعها إلى حجرة الاستقبال وهو من الانفعال لا يرى. وجلس قائلا: جئت لأعزيك ولو متأخرا ...
فشكرته وهي تتفرس في وجهه بارتياب. كانت ترتدي فستانا أسود يكشف عن ذراعيها وأكثر ساقيها، ولم يمنعها الحداد من العناية بشعرها ووجهها فشع منها ذاك النور الباهر. ربما بدت أصغر من سنها ولكن العين لا تخطئ كهولتها خاصة كراميش الفم وما تحت العينين، ولكنه كان ينشد هذه الصورة دون غيرها. وتذكرت هي نظراته التي استوعبتها في أكثر من زيارة لبيت ألفت فلم تشك في أن وراء الزيارة ما وراءها. أيمكن ذلك حقا؟! وما عسى أن تصنع به؟ ودل ترحيبها به وتقديمها القهوة على أنها تترك الباب مواربا حتى ترى ما يجيء به الغيب. وكان من ناحيته عازما على ألا يتجاوز التمهيد، فنظر إلى الصالون المموه بالطلاء الذهبي وقال: ما أجمل ذوقك!
Page inconnue